المخرجة الأردنية دارين سلاّم: (فرحة) نقطة في بحر أحداث النكبة
قالت المخرجة الأردنية دارين سلّام إن قصة فيلمها «فرحة» الذي تعرض لانتقادات شديدة في إسرائيل، يستند إلى أحداث حقيقية ولا يمثل سوى «نقطة في بحر» معاناة الفلسطينيين في العام 1948.
وأصبح الفيلم الحائز على جوائز عدة متاحا على منصة «نتفليكس» الشهر الماضي، وهو يصور أحداثا وقعت في 1948 خلال «النكبة» التي تلاها قيام دولة إسرائيل.
ويحكي الفيلم قصة فتاة فلسطينية اسمها «فرحة» وعمرها 14 عاما تتعرض قريتها لهجوم من قوات إسرائيلية. وخوفا على حياتها، يخفيها والدها في غرفة المونة (مخزن الطعام) الذي تشهد من خلال فتحة في بابه عملية إعدام عائلة فلسطينية مكونة من أب وأم وبنتين صغيرتين، بينما يترك طفل مولود حديثا وحده على الأرض حتى يموت.
وقالت المخرجة البالغة من العمر 35 عاما إن حبكة فيلمها الأول مستوحى من قصة حقيقية روتها امرأة تدعى رضية لوالدتها.
وأضافت «أردتُ أن أصنع فيلما إنسانيا وأن أروي قصة فتاة تحول حلمها من التعليم الى النجاة بحياتها، هي أشبه بالفرحة التي سُرقت من الشعب الفلسطيني».
وعرض الفيلم في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي العام 2021، وشارك في أكثر من 40 مهرجانا وحاز 12 جائزة، حسب المخرجة.
في إسرائيل، انتقد مسؤولون إسرائيليون قرار منصة نتفليكس عرض الفيلم.
وقالت المخرجة «كان يهمني أن افتح عيون العالم على هذا الحدث المفصلي في المنطقة العربية والعالم كله، وأن أقول إن هذه الأرض لم تكن أرضا بلا شعب إنما كانت أرضا لشعب عنده حياة وأحلام وطموح وتاريخ».
وتم تصوير الفيلم في بلدتي عجلون والفحيص في شمال الأردن، للشبه بين منازلهما ومنازل القرية الفلسطينية حيث تدور قصة فرحة.
تحاول الفتاة المراهقة في الفيلم إقناع والدها بالسماح لها بإكمال دراستها في المدينة لعدم وجود مدرسة بنات في القرية، وتظهر في لقطات وهي تحضر الاستعدادات لحفل زفاف صديقة لها، وتقطف التين قبل الهجوم على قريتها.
وقالت المخرجة «المشهد (الذي يصور عملية الإعدام) هز الكيان الصهيوني والحكومة الإسرائيلية، لكنه نقطة في بحر الأحداث التي وقعت وقت النكبة، هو لا شيء مقارنة له مع الأشياء التي حدثت»
ودعت دارين صناع الأفلام إلى إنتاج المزيد من أفلام مشابهة لـ «فرحة». وقالت «من المهم جدا وجود فيلم مثل (فرحة) يترك أثرا ويوعي الناس على هذه القضية. فيلم واحد لا يكفي ليروي ما حدث. لذلك، من المهم أن يتكلم الناس أكثر وينفذوا أفلاما أكثر ويتجرأوا أكثر».
وأوضحت أن «الفيلم يروي قصة حقيقية لفتاة اسمها رضية حبسها والدها خوفا على حياتها، وتمكنت من الخروج والوصول الى سوريا. هناك شاركت القصة مع والدتي السورية التي بدورها روت لي القصة وأنا طفلة. وعندما كبرت قررت أن أحولها الى فيلم لأنني شعرت بالحاجة الى أن أشارك الناس بها».
وفقد الاتصال برضية التي كانت تقيم في مخيم اليرموك الذي دمرته الحرب في دمشق خلال النزاع الذي بدأ العام 2011. ويقدر أن عمرها اليوم 89 عاما.
وقالت المخرجة «عند عرض الفيلم، جاءتني امرأة في الثمانينيات من العمر حضرت الفيلم وكانت قد شهدت وعاشت أحداث النكبة، وقالت لي: أنا أيضا فرحة ولا أحد يستطيع أن ينكر وجود فرحة».
وتعرض الفيلم لانتقادات شديدة في إسرائيل حيث دان وزير المالية في الحكومة السابقة أفيغدور ليبرمان قرار نتفليكس عرض الفيلم، معتبرا أنه «من الجنون أن تبث نتفليكس فيلما هدفه خلق ذريعة كاذبة والتحريض على كراهية الجنود الإسرائيليين».
واعتبر وزير الثقافة الإسرائيلي حيلي تروبر أن فيلم «فرحة» يصور «أكاذيب وتشهيرا».
وترى سلاّم أن «إنكار النكبة هو إنكار لوجودي أنا أيضا، لأن أبي عاش النكبة. كان بعمر ستة أشهر عندما نجا من النكبة هو ووالداه وقد فروا ووصلوا الى الأردن. لذا فإن إنكار النكبة هو إنكار لمأساة مر بها ملايين الناس».
ويتحدر والد دارين سلاّم من الرملة، وهي مدينة تقع في وسط إسرائيل فر معظم سكانها العرب تحت تهديد السلاح، أو أجبروا على ترك منازلهم العام 1948، كما فعل أكثر من 760 ألف فلسطيني في جميع أنحاء البلاد.
ويعيش الآلاف من أحفادهم حتى يومنا هذا في مخيمات اللاجئين في الأردن وسوريا ولبنان.
وأكثر من نصف عدد سكان الأردن البالغ عددهم حوالي عشرة ملايين نسمة من أصول فلسطينية، إذ شهدت المملكة موجتين من اللجوء الفلسطيني: الأولى عقب النكبة عام 1948، والثانية بعد النكسة إثر حرب حزيران/يونيو عام 1967 عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية التي كانت تحت السيادة الأردنية.
و»فرحة» ليس أول فيلم يثير الجدل حول عمليات إسرائيلية جرت خلال الأحداث التي رافقت قيام الكيان الصهيوني في 1948.
وكان المخرج الإسرائيلي ألون شفارتز واجه العام الماضي ردود فعل عنيفة على خلفية فيلمه الوثائقي الذي صور حوادث مذبحة تعرض لها الفلسطينيون في قرية الطنطورة الساحلية (شمال).
ويطالب ملايين الفلسطينيين المنتشرين في دول عدة بـ «حق العودة». وتصاعدت في السنوات الأخيرة، حتى بين نشطاء إسرائيليين، دعوات إلى مزيد من الشفافية حول سلوك القوات الإسرائيلية خلال النزاع.