توضيح قانوني بشأن وضع المرشح للانتخابات الذي جرى توقيفه قبل أيام

{title}
أخبار دقيقة -
انشغل الرأي العام قبل أيام بواقعة إلقاء القبض على أحد المترشحين للانتخابات النيابية المقبلة، وذلك على خلفية قضايا حقوقية ومالية صدر بها طلبات وأحكام قضائية سابقة لتاريخ ترشحه، حيث أثارت هذه الأحداث استفسارات قانونية حول مصير ذلك المترشح، وما إذا كان بإمكانه الاستمرار بالمنافسة في الانتخابات النيابية.

إن الإجابة على هذا التساؤل تكون من خلال استعراض النصوص القانونية ذات الصلة بشروط الترشح لعضوية مجلس النواب، حيث تشترط المادة (11) من قانون الانتخاب الحالي رقم (4) لسنة 2022 فيمن يرغب بخوض الانتخابات النيابية أن يكون أردنيا منذ عشر سنوات على الأقل، وأن يكون مسجلا ضمن جداول الناخبين النهائية، وأن يكون قد أتم خمسا وعشرين سنة شمسية من عمره قبل تسعين يوما من موعد الاقتراع، وأن لا يكون محكوما عليه بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يُعْفَ عنه، وأن يكون كامل الأهلية.

فمن خلال الإطلاع على هذه الشروط، نجد بأن المشرع الأردني قد ربط الترشح للانتخابات النيابية بتوافر الأهلية الأدبية وحسن السيرة والسلوك، والتي يفقدها المترشح في حال صدور حكم نهائي قطعي بحقه بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة في قضية جزائية ولم يتم شمولها بقانون العفو العام.

 بالتالي، فإن أي قرارات قضائية بالحبس صادرة في دعاوى مدنية أو مطالبات حقوقية لا ينطبق عليها حكم المادة (11) من قانون الانتخاب، ولا يعتبر المحكوم عليه في هذه القضايا المدنية فاقدا للأهلية الأدبية، ذلك على اعتبار أن الحبس لمدة سنة يكون في القضايا الجزائية فقط، والتي يمكن أن يشملها العفو العام دون المطالبات المدنية.

وعليه، فإن المترشح لعضوية مجلس النواب الذي جرى توقيفه بسبب صدور قرارات بحبسه من دوائر التنفيذ المختصة سيستمر في ترشحه للانتخابات النيابية القادمة حتى وإن بقي في السجن ولم يقم بتسوية المطالبات المالية المستحقة عليه، كما يمكن أن تُجرى الانتخابات المقبلة وهو موقوف على دين مدني وأن يتم إعلان فوزه كعضو منتخب في مجلس النواب العشرين، إلا أنه سيتأخر في أداء اليمين الدستورية المنصوص عليها في المادة (80) من الدستور لغايات الشروع في عمله، والتي اشترط المشرع الدستوري على النائب أن يؤديها أمام مجلس النواب الذي ينتمي إليه.

أما فيما يتعلق بقيام المسؤولية الجزائية نتيجة ارتكاب أحد المترشحين لجرم جزائي خلال هذه الفترة الزمنية وقبل موعد الانتخابات القادمة، فإن التساؤل الأبرز يثور حول أثر صدور القرار بتحريك دعوى الحق العام في مواجهة أحد المترشحين للانتخابات القادمة وبدء محاكمته أمام المحاكم الجزائية المختصة على ترشحه للانتخابات المقبلة.

إن المادة (11) من قانون الانتخاب قد حظرت على المترشح أن يكون قد صدر بحقه حكما قضائيا بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة في جريمة جزائية، شريطة أن يكون هذا الحكم نهائيا وقطعيا. وعليه، فإن مباشرة إجراءات التحقيق والمحاكمة ضد أحد المترشحين الحاليين لا يؤثر على مركزه القانوني كمترشح على مستوى الدوائر المحلية أو الدائرة الانتخابية العامة، إذ يمكن أن يصدر إعلان فوزه بالانتخابات وهو موقوف أو تُجرى محاكمته جزائيا وفق الأصول المرعية في القانون.

إلا أنه وفي حال صدور قرار قضائي قطعي بإدانته بالجرم المسند إليه والحكم عليه بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة، فإنه يعتبر قد فقد شرطا من شروط الترشح أو العضوية في مجلس النواب، وبالتالي يعتبر طلب ترشحه قد سقط حكما في حال صدر قرار الحكم النهائي قبل تاريخ الاقتراع وإعلان النتائج، أو أن يتم إعلان سقوط عضويته في مجلس النواب حكما في حال إدانته جزائيا بعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات ومباشرته مهام عمله النيابية، وذلك عملا بأحكام المادة (75/3) من الدستور.

إن الإبقاء على مترشح تجري ملاحقته جزائيا أثناء فترة التحضير للانتخابات النيابية من شأنه أن يفقد العملية الانتخابية الاستقرار والثبات، وأن يحرم مترشحا آخر من فرص الفوز في الانتخابات والبقاء في مجلس النواب للمدة الدستورية كاملة.

لذا، فقد أحسن قانون الانتخاب الحالي عندما اشترط في المادة (67/ب) منه أن يتم النظر في قضايا الجرائم الانتخابية بصفة الاستعجال، بحيث تُصدر المحاكم الوطنية أحكامها القطعية في أي دعوى جزائية يجري تحريكها في مواجهة أحد المترشحين للانتخابات النيابية وتتعلق بمجريات العملية الانتخابية قبل يوم الاقتراع والفرز وإعلان النتائج النهائية إن أمكن ذلك.

ليث نصراوين - أستاذ القانون الدستوري / عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
تصميم و تطوير