د. ماجد لخواجا : الحروب المنسية

{title}
أخبار دقيقة -

ثمة حروب كثيرة دارت في العالم لم تحظ بالتناول الإعلامي لها كما حظيت به غيرها من الحروب، ربما يعود ذلك لأسبابٍ موضوعية وشكلية ليس الآن مجال الحوار فيها.

  إن مفهوم الحروب المنسية تركز عليه منظمة إيرين IRIN غير الحكومية في محاولة لتسليط الضوء على المآسي المهملة حول العالم. إنها نزاعات كثيرة لا تحظى باهتمام وسائل الإعلام أو انتباه صانعي السياسات، وهذا يحدث ربما لأنها لا تمتلك نفس الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للحروب التي تحظى باهتمام عالمي، رغم أن بعضها قائم منذ عشرات السنوات. هناك حروب أخذت شهرتها من المعتدي أو من المعتدى عليه، هناك حروب يتم نسيانها عندما يمتد بها الزمن فتأخذ شكل الاعتياد عليها، هناك حروب عبثية تدار بالوكالة عن قوى أخرى تقوم بتغذيتها وإشعالها وسكب الزيت عليها دون أن تتدخل بشكل مباشرٍ فيها. أو لأن موقع الحرب ليس له أهمية جيوسياسية، ومن تلك الحروب المنسية: الحرب في إقليم تشينجيانغ الصيني ذي الأغلبية المسلمة، الحرب في ميانمار مع الأقلية المسلمة من الروهينجا، حرب الكرد في إيران، حرب البلوش في الباكستان، الحرب مع جبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين، النزاع الطويل بين أرمينيا وأذربيجان، كثير من الحروب الدائرة والانقلابات الدموية في إفريقيا ، حروب المخدرات في أمريكا اللاتينية. وهناك كثير من الحروب لمن يدعون بالإنفصاليين القوميين الذين يسعون للاستقلال عن الدولة الأم. يبدو لي أن المجتمع الدولي يمثل حالة خاصة من فقدان الذاكرة الانتقائي: فهو ينسى ما يناسبه أن ينساه ولا يعيده إلى الذاكرة إلا عندما يكون من المناسب له أن يتذكره. في السابع من تشرين الأول، تذكر المجتمع الدولي الصراع الصهيوني الفلسطيني، الذي ظل كامنا في ذهنه لسنوات. اليمن يعاني من صراع أهلي مستمر منذ ثماني سنوات، مع أن أصول الصراع تعود إلى قرون مضت.ومع ذلك، في عام 2017، صنفت الأمم المتحدة اليمن على أنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وهناك حرباً بالوكالة تقوم على أجساد وأرواح اليمنيين كافة. حرب «ناغورنو كاراباخ» غالباً فهذا الاسم لا يرتبط بأي شيء، هي منطقة متنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا، وهي جغرافياً ورسميا داخل الأراضي الأذربيجانية، ولكن تسكنها أغلبية أرمينية، تفاقمت التوترات في هذه المنطقة مع انهيار الاتحاد السوفياتي. واستمرت حرب منسية لعقود انتهت باستعادتها من قبل الجيش الأذربيجاني. حروب وسط صحراء إفريقيا التي تشمل دول النيجر ومالي وتشاد والسودان والصومال وأثيوبيا وإريتريا ونيجيريا وساحل العاج وبوركينا فاسو وغيرها، وبين عامي 2020 و2022، وقع انقلابان في مالي، وفي ذروتهما قرر المجلس العسكري الحاكم قطع العلاقات مع فرنسا والاقتراب من روسيا. ويبدأ الكرملين بتقديم المساعدة العسكرية من خلال شركة فاغنر العسكرية الخاصة.وفي عام 2022، وقع انقلابان أيضًا في بوركينا فاسو، حيث أشارت التقديرات إلى أن 40 بالمئة من الأراضي خارج السيطرة المركزية. وفي تموز 2023، وقع انقلاب أيضاً في النيجر، وهو الثاني بعد الانقلاب الذي وقع ف عام 2010. وتعيش السودان وإريتريا والصومال في حالة حرب منذ سنوات. فيما إثيوبيا التي خلفتها عقود من القتال مع جارتها إريتريا، وواجهت حرباً أهلية في منطقة تيغراي ذي الأغلبية المسلمة. والمفارقة أن هناك أكثر من مليوني إثيوبي من تيغراي لجأوا إلى السودان الذي بدوره لجأت مئات الآلاف من السودانيين إلى إثيوبيا هرباً من حرب البرهان وحميدتي. في عام 2013 يقوم الجيش في بورما أو ميانمار بارتكاب أعمال عنف ضد أقلية الروهينجا ، الأمر الذي سيتطور إلى إبادة جماعية حقيقية وسيؤدي إلى فرار ما يقرب من مليون شخص إلى بنجلاديش.وفي عام 2021، بعد انتصار جديد لحزب LDN، ينفذ المجلس العسكري انقلابًا ويشعل حربًا أهلية . ووفقا للأمم المتحدة، بلغ عدد الضحايا المدنيين لهذا الصراع ما لا يقل عن 3000 شخص، والنازحين أكثر من مليون شخص، والوفيات في المعارك ما لا يقل عن 20000 شخص. ويحتاج أكثر من 17 مليون شخص، أي ثلث سكان البلاد، إلى المساعدة الإنسانية. هناك 170 نزاعا مسلحا في مختلف دول العالم في عام 2023 والتي تعتبر من الحروب المنسية.
تصميم و تطوير