هل أثر "تريند الشوكولاتة" على مخرجات التعليم؟
أخبار دقيقة -
كتب - علي الهاشم السوالمة
مع نهاية الفصل الدراسي في الجامعات الأردنية وبدء الاختبارات النهائية، يمر بنا شريط الذكريات سريعًا على الأحداث التي شهدناها خلال هذا الفصل. ومن أهم هذه الأحداث التي برزت في الشارع الطلابي كان "تريند الشوكولاتة"، الذي يقوم به مجموعة من الطلبة بتقديم الحلوى للمدرس دون علمه المسبق بذلك.
وقد أثارت هذه الظاهرة موجة واسعة من ردود الأفعال التي تراوحت بين مؤيد ومعارض. ظهرت جدلية حول هيبة ووقار المدرس، وأهمية تعزيز التواصل بين الطلبة ومدرسيهم، فضلًا عن الدعوة إلى التخلي عن طرق التدريس التقليدية وأساليبها التي باتت بنظر الكثيرين لم تعد تجدي نفعًا، لا سيما مع التطور التكنولوجي وتعدد مصادر الحصول على المعلومات التي تسهل الحصول على المعلومة. استمعت للكثير من الآراء وقرأت الأكثر ولم أجد ما يدعو للقلق من هذا العمل، كونه بنظري لا يؤثر على كرامة ووقار المدرسين. ويرى البعض كذلك أن ما يقدمه الطلاب هو بلا قيمة مادية، إنما هو شيء معنوي كبير لا يعبر إلا عن الحب والامتنان.
مع ذلك، لا يمكن الإنكار أن علاقة الطالب بالمدرس يجب أن تبنى على الاحترام المتبادل، وأن ذلك لا يتناقض مع وجود الإنسانية والمحبة والتقدير. ولا يمكن تجاهل أن الطالب الذي يتعاطى مع مدرسه ويجد فيه الاحتواء وتبادل وجهات النظر يصبح قادرًا على التعبير عن وجهة نظره وزيادة ثقته بنفسه، وأن المدرس يكتسب من ذلك محبة واحترامًا حقيقيين نابعين من الداخل، غير مبنيين على الخوف.
لقد شاهدت خلال الفترة الأخيرة العديد من مقاطع الفيديو المصورة، وكانت هذه اللحظات، بتقديري، عفوية تمامًا، ولا يتم تنظيمها إلا بين الطلاب أنفسهم. ولا يعلم المدرس بذلك إلا في لحظة وقوف أحد الطلاب والبدء في تقديم عبارات الشكر والتقدير والامتنان له. ويقوم الطلاب بعد ذلك بتقديم قطع الشوكولاتة للمدرس. ولم ألاحظ رفضًا من أي من المدرسين للكم الذي يقدم له.
لو تخيلنا أنفسنا في هذا الموضع، لن نستطيع رفض هذا الموقف الذي يعتبر طريفًا لمن يقرأ أو يشاهد حال الطلاب في الجامعات الأردنية. يرى الطلاب أنهم يعانون من عدة معيقات تحول بينهم وبين النتاج التعليمي المرجو منهم ومن أهاليهم. ومن أهم هذه المعيقات أن الفارق العمري بين الطالب والمدرس كبير نوعًا ما، وأن المدرس غير مقتنع بأن المعلومة تاتيه بالسرعة التي يتحدث عنها الطلاب. بل لا يعول على الطلاب في تحصيل المعلومة إلا من منه أو من المصدر الذي يرشدهم إليه، لأن هذا الأسلوب هو الذي قضى عمره فيه.
لعل هذا الترند يكون سببًا أو مسببًا يحدث تغييرًا إيجابيًا في علاقة الطلاب بمدرسيهم، ولعله يكون هو وغيره من القادم دافعًا في تحسين الأساليب التدريسية والنتائج التعليمية، وتحسين الأساليب القديمة أو التخلي عنها. فما تشكله، بظاهر الطلاب، من أبرز التحديات التي تواجه التدريس.
في النهاية، القيمة المضافة من اهداء الشوكولاتة للمدرس ليست قيمة مادية، بل هي قيمة معنوية فقط. أما بالنسبة للطلاب، نتمنى لهم خالص الأمنيات بالتوفيق والنجاح في مسيرتهم الجامعية، وأن لا يقعوا في فخ التقليد الأعمى في الأيام القادمة. وهم أنفسهم سيجيبون: هل أثر ترند الشوكولاتة على مخرجات التعليم؟






