سوريا الجديدة

{title}
أخبار دقيقة -

كتب - محمد حسن التل 

لم يتفهم بشار الأسد التطورات المتسارعة التي طرأت على الجغرافيا السياسية في المنطقة ورفض كل محاولات التصالح سواء كانت من الداخل السوري أو تلك التي أتته من قبل كثير من دول المنطقة والدعوات الكثيرة من دول في العالم بضرورة فتح صفحة جديدة والسير نحو الحكم الرشيد في سوريا التي ظلت تحت وطأة البعث ٦٠ عاماً ،وظل الرئيس المخلوع يراهن حتى آخر لحظة على تحالفاته الرخوة مع روسيا وإيران ولم يتنبه الرجل الذي كان يصدع الرؤوس من التنظير في السياسة أن مصالح الدول تتقدم على تحالفاتها وهذا ما حدث للموقفين الإيراني والروسي ، وظن أن الدولتين ستقدمان مصلحته على مصالحهما مع الدول الفاعلة بالعالم وكانت النهاية متوقعة ومحتومة لهذا النظام منذ بدء التحولات في المنطقة بعد أحداث السابع من أكتوبر ونتائجها على مسار القرار الدولي بإنهاء التحالفات الإيرانية في المنطقة التي ثبت أنها كانت فقط لمصلحة طهران التي أدارت ظهرها لكل حلفائها في لبنان وسوريا وستأتي الأيام القادمة بمفاجآت جديدة على ما تبقى من مسار التحالفات الإيرانية في المنطقة.

سيسجل التاريخ أن فجر الثامن من كانون الأول انبلج عن صبح جديد للشام استنشق نسماته أبناؤه الذين عانوا من القمع وسلب الحريات والتهجير والسجون والفقر والرعب على الحاضر والخوف من المستقبل أكثر من خمسين عاماً، فهل من المعقول أن هناك معتقلين منذ أكثر من خمسين عاما دون محاكمة وهل من المعقول أن آلاف النساء وحتى الأطفال محرومون من الحرية ونور الشمس عشرات السنين دون ذنب.

كانت نهاية حتمية لمثل هذا النظام الذي أدار ظهره لشعبه وحول البلاد إلى سجن كبير وكانت تحالفاته خارج حدود البلاد في سبيل مصلحته بعيداً عن المصالح الوطنية السورية.

المهم الآن أن يحافظ السوريون على دولتهم فهي ليست ملك النظام الهالك الذي فرت رموزه في الظلام كالخفافيش ، ويحافظوا على وحدتهم ووحدة جغرافية وطنهم وأن يعيدوا البلاد إلى عمقها العربي ، في المقابل بات من واجب العرب الآن أن يحتضنوا الشعب السوري ليكرسوا عودته إلى حضن أمته ويدعموه في إعادة بناء دولته على أسس سليمة تكون ممثلة لجميع السوريين .

المطلوب الآن من قادة الثورة السورية على حكم البعث الهالك أن ينزلوا على مصلحة الشعب السوري ويحافظوا على مؤسسات الدولة لأنها ملك الناس وقد بنيت بجهدهم وتعبهم ويقفوا بوجه أي فوضى بالشارع السوري

وكانت خطوة جيدة من الثوار أن يطلبوا من الحكومة السورية في النظام السابق الاستمرار في العمل حتى يتم تسليم السلطة للحكومة التي سيختارها السوريون بأنفسهم لتستمر مؤسسات الدولة بالعمل وحتى لا يفقد الناس هناك حقوقهم واستقرارهم ويدخلوا في تيه الفوضى وحتى لا تتكرر تجربة دول كثيرة في المنطقة أسقطت شعوبها الأنظمة الديكتاتورية فيها لكنها لم تتمكن من الاستفادة من التحرر من هذه الأنظمة نتيجة الفوضى والإقتتال على "الغنيمة” ،وسقطت الدولة بكل مؤسساتها الأمر الذي عاد عليهم بالخسارة لكن الأمل بأبناء الشام كبير والدعاء لهم صادق..

العبرة فيما حدث أنه نن المستحيل المراهنة صمت الشعوب وإن طال فإن الشعوب إذا غضبت فتكت…

تصميم و تطوير