ثقة تحت المجهر
أخبار دقيقة -
كتب- محمد عبد الكريم البطوش
في مشهدٍ سياسي يُبرز ملامح الديمقراطية الأردنية، مُنحت الحكومة الأردنية ثقة مجلس النواب بعد تصويت شارك فيه 138 نائبًا، حيث حصلت الحكومة على تأييد 82 نائبًا، فيما حجب الثقة عنها 53 نائبًا وامتنع 2 وهذا القرار يعكس تباينًا واضحًا في آراء النواب ومواقفهم تجاه الأداء الحكومي ورؤيتهم لمسار إدارة شؤون الدولة في ظل التحديات الراهنة، وخطابات النواب التي سبقت عملية التصويت كانت محط أنظار المواطنين والإعلام، حيث حملت هذه الخطابات في طياتها رسائل تعكس نبض الشارع الأردني وتطلعاته و بعض النواب أكدوا دعمهم للحكومة، مشيرين إلى ضرورة إعطائها الفرصة لتنفيذ برامجها ومعالجة الملفات الصعبة، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة التي تواجه الأردن. هؤلاء النواب برروا موقفهم بأن التحديات التي تواجه الحكومة ليست وليدة اللحظة، بل تراكمات لسنوات عديدة تحتاج إلى معالجة تدريجية ومنهجية. في المقابل، كان هناك نواب آخرون انتقدوا بشدة أداء الحكومة، مشيرين إلى ما وصفوه بالتقصير في التعامل مع القضايا الرئيسية التي تهم المواطنين، مثل البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وضعف الخدمات العامة وبعض النواب ركزوا في خطاباتهم على غياب رؤية حكومية واضحة لحل المشكلات المزمنة، بينما اتهم آخرون الحكومة بعدم القدرة على تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية المطلوبة، الجلسة التي شهدت التصويت على الثقة كانت مليئة بالنقاشات التي عكست التحديات الحقيقية التي تواجهها الحكومة، والنواب المعارضون وجهوا انتقاداتهم للحكومة، مطالبين بإصلاحات ملموسة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، فضلاً عن إيجاد حلول جذرية لأزمة البطالة والفقر. في المقابل، دافع بعض النواب عن الحكومة، مشيرين إلى جهودها في مواجهة الأزمات العالمية مثل تبعات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، وما خلفته من تداعيات اقتصادية أثرت على الأردن بشكل مباشر، ومن جانبها حاولت الحكومة أن تقدم رؤية مستقبلية شاملة تضمن التعامل مع التحديات الراهنة وتلبي تطلعات الشعب الأردني. الحكومة أكدت التزامها بالعمل على تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز بيئة الاستثمار ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على خلق فرص عمل للشباب والحد من البطالة، كما أشارت إلى أهمية تحسين الخدمات العامة، مثال على ذلك التعليم والصحة، وعبر إصلاحات إدارية وتقنية تهدف إلى رفع كفاءة القطاع العام وتعزيز الشفافية والمساءلة.
وفيما يتعلق بالإصلاح السياسي، أكدت الحكومة التزامها بتطبيق مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، مشيرة إلى أهمية دعم الحياة الحزبيةَ وتعزيز دور الشباب والمرأة في العمل السياسي. كما تناولت رؤيتها مسألة الأمن الغذائي والمائي، حيث أشارت إلى خططها لتعزيز الزراعة المستدامة والاستثمار في مشاريع تحلية المياه لمواجهة أزمة المياه المتفاقمة في المملكة، وإن الحكومة شددت أيضاً على أهمية التحول الرقمي كجزء أساسي من استراتيجيتها، مشيرة إلى أن التكنولوجيا تمثل ركيزة أساسية لتحسين الأداء الحكومي وتطوير الاقتصاد الوطني كما أكدت دعمها للابتكار وريادة الأعمال، مع التركيز على توسيع الشراكة مع القطاع الخاص لتوفير فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة حيث أن الرسائل التي حملتها أصوات النواب المعارضين للحكومة كانت واضحة،َ حيث تعبر عن مطالب ملحة بضرورة التغيير والعمل بجدية أكبر لتحقيق وعود الإصلاح ومع ذلك، فإن حصول الحكومة على الثقة يعكس وجود دعم نسبي من البرلمان، مع إدراك الجميع أن النجاح يتطلب العمل المشترك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتحقيق المصلحة الوطنية.
وإن التصويت على الثقة وما سبقه من نقاشات وخطابات يعكس نبض الديمقراطية الأردنية وحيوية الحياة السياسية في الأردن وإن التحديات التي تواجهها الحكومة ليست سهلة، لكن الرؤية التي طرحتها تحمل أبعادًا إيجابية إذا ما تم تطبيقها بشكل فعّال وشامل و المرحلة المقبلة ستكون اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها وتنفيذ رؤيتها لتحقيق تطلعات الشعب الأردني في حياة كريمة ومستقبل أفضل.






