إلى أين يتجه المثقف العربي.. السؤال الأكثر شيوعا في السر والعلن؟

{title}
أخبار دقيقة - كتب -- عدنان نصار 

بعد كل هذا العدوان الوحشي الحيواني على لبنان ، وما سبقه من عدوان فاشي على قطاع غزة ، يبرز السؤال الأكثر شيوعا بين الناس على مساحة شاسعة من الجغرافيا العربية ، التي تتحدث بلسان العربي المقهور مما يجري ، والمنهور ان هو رفع سقف الأسئلة المشروعة التي تبدو بوجهة نظر أزلام السلاطين ممنوعة ..!

المثقف العربي ، الذي يجاهد بكل أدواته ومفرداته ومواقفه الوطنية والقومية والاسلامية والإنسانية ، صار الآن أكثر عرضة للقهر ..وأصبح مادة دسمة لإبقاءه تحت مجهر الرقابة ، ضمن معطيات ومقابيس "الإنتماء والخيانة” ..وهي مقاييس لم تستطع أي جهة رسمية أو شعبية وضع مقاييس للإنتماء ..،فيما تتضح مقاييس الخيانة بشكل لا يحتاج الى إجتهاد في تعريف هذا العار المفضوح .

ولعل ما حدث من إجتهادات تحاكي مقاييس الإنتماء المرافق للإنحناء ليس أمام السلاطين ، بل  أمام "إزلام "السلاطين الذين يتلذذون برؤية الإنحناء من باب الإنتماء طلبا للرضى ، وهو ما رفضه المثقف العربي بكل تفاصيل هذا التعريف المنحاز الى "وثنيات” وليس الى وطن ..، ودخل المثقف العربي في ورطة الإشتباك مع فئة ضالة من أشباه المثقفين الذين يسوقون المواقف الهابطة على انها مواقف وطنية بإمتياز ..،بل وتعدى ذلك الى ما هو ابعد من هذا الإنفلات الاخلاقي الوطني والقومي ليصل حد الصفاقة ونفاق لا يمكن وصفه إلا بلعق أحذية إزلام السلاطين على انه جزء من مسار الإنتماء لنيل الثناء .!!

المثقفون العرب الذين يبرزون وجه الحقيقة ، هم المساند الرئيسي للساسة ، بل ويتقدمون عليهم ، بحكم صدقيتهم وإنسانيتهم التي تسعى الى نشر ما امكن من عدل ومحبة وإنسانية وسلام ..وهذا ما سمعته شخصيا من المناضل الراحل طارق عزيز في لقاء صحفي على هامش مؤتمر في بغداد عقد بفندق عشتار شيراتون سنة 2001 ..، وأبدى السياسي المخضرم الراحل الشهيد طارق عزيز إستغرابه وإندهاشه من بعض المثقفين العرب الذين لا يصارحون السياسين بمواقفهم الوطنية المساندة لهم .!

السياسيون على إختلاف رتبهم ومواقعهم ودرجاتهم وألقابهم ، يعرفون جيدا مكامن النفاق عند تلك الفئة ممن ينسحب عليهم "المثقفون” ، غير أن الساسة ذاتهم يصغون إليهم لكن، لا بعيروهم أي "إحترام” أو حتى أذن صاغية لإدراك السياسي ان هذا المثقف مرتجف "وهو يخشى في قول الحق لومة لائم ” ولا يقوى على مصارحة السياسي أو حتى نقده .

التجارب التراكمية في مسار الحياة ، أثبتت أن "اللعنة” على أشباه المثقفين” تجوز شرعا ” وطردهم من المنصات وعنها واجب وطني وأخلاقي ،وهو جهاد "ثقافي سياسي” بحكم مننطق العقل المدرك لخطورة هذا الصنف من الجماعات التي لا تقل خطورة عن "الخيانة” التي يسوق لها على إنها "إنتماء” .!

لا أتهم أي أحد ، بل هو تأكيد على جرم ثقافي آخذ بالتمدد في جغرافيتتا العربية ، ومنها بالطبع الأردن التي تعتبر أحد أبرز روافد الفكر والثقافة والقيادة والإبداع ، يعاني المثقف الحقيقي المنتم الى وجدانيته وهويته الإنسانية من "الوحل الثقافي” الذي يجسد سياسة "مكيافيللي” بأبشع صورها بهدف نيل لقب أو منصب أو نيل الرضى ، وهو أمر تدركه السلطات الرسمية على أختلاف أذرعها وتتعامل معه بحذر واع أكثر من أي وقت مضى ..، ولعل هذا الوعي الرسمي في التعامل مع المثقف ، ينسحب على كل الأقطار العربية ..قالمسألة تتعلق بكشف الأفكار ووضعها في مسارها الصحيح ، وقد تشكل عودة حقيقية لإنهاء حالة التملق ولعق أحذية أزلام السلطان ..والإنتقال الى التعامل الذي يعكس قيمة النيل الثقافي الحقيقي وتعميق قيمة مفاهيم الإنتماء ونبله وللدفاع عنه أمام حالة تمدد خطير للمسوقين "للخيانة” على إنها "إنتماء”.!!

كاتب وصحفي أردني..

تصميم و تطوير