هل تبعث مباحثات الدوحة على التفاؤل فعلا؟

{title}
أخبار دقيقة - كتب - د. هايل ودعان الدعجة 
من يتابع الموقف الرافض لكل من حماس والكيان الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يتحدث عنه الرئيس الأميركي جو بايدن بلغة تفاؤلية، وفقا لما ترشح من أخبار وتسريبات لكلا الطرفين عن مباحثات الدوحة التي جرت يومي الخميس والجمعة الماضيين، يستغرب هذه اللغة التفاؤلية التي سادت أحاديثه عن نتائج هذه المباحثات غير المعلنة حتى اللحظة، رغم الخلافات اللافتة والجوهرية بين حماس وإسرائيل على نقاط أساسية كمحوري فيلادلفيا ونتساريم.

فحماس ترفض هذا الاتفاق الذي لم يلتزم بالاتفاق السابق الذي طرحه بايدن في 7/2 الماضي ووافقت عليه، والذي يتضمن وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من غزة، وهو الاتفاق الذي تم طرحه بمبادرة من الحكومة الإسرائيلية، والذي تطالب حماس بوضع خطة أو آلية لتنفيذه، متهمة الإدارة الأميركية بفرض إملاءات عليها، وبتبني شروط الكيان الإسرائيلي ممثلة بالبقاء بمحور فيلادلفيا والسيطرة على محور نتساريم وتدخلها في تحديد أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم، وإبعاد بعضهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة والتحكم بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم في شمال قطاع غزة. فيما الكيان الإسرائيلي الذي يرفض الاتفاق أيضا لعدم تطرقه لمحوري فيلادلفيا ونتساريم، مستمرا في وضع شروط جديدة يدرك أن حماس لن ترضى بها.


إن الولايات المتحدة التي تسعى إلى إشاعة أجواء تفاؤلية حول اتفاق الدوحة، تستهدف على ما يبدو كسب الوقت لتبريد الجبهات في المنطقة وتأخير أو منع توجيه ضربة إيرانية انتقامية لإسرائيل على خلفية اغتيال إسماعيل هنية والرجل الثاني في حزب الله فؤاد شكر، وبالتالي منع التصعيد وكبح جماح زيادة التوترات وإشعال فتيل الصراع الإقليمي. إضافة إلى أن الإدارة الأميركية تحاول إيقاف الحرب في غزة قبل الانتخابات الرئاسية، لأن ذلك قد يؤثر سلبيا في فرص فوز هاريس. 


ومع إدراك حماس للعبة الكيان الإسرائيلي ورفضه الجاد لموضوع التفاوض الذي يتعامل معه كوسيلة لشراء الوقت لمواصلة عملياته العسكرية في غزة، محاولا إيصالها إلى النقطة التعجيزية التي ستجعلها ترفض أي اتفاق، فعلى ما يبدو أنها تنبهت لذلك وأخذته باعتبارها، فبدت أكثر مرونة واستجابة في تعاطيها مع المباحثات، لتقلب الأمور رأسا على عقب على هذا الكيان المسخ وتفويتها الفرصة عليه، ومحاولته تحميلها مسؤولية إفشال هذه المباحثات أمام المجتمع الدولي.

 

ترافق ذلك مع انحياز الرئيس بايدن إلى موقف الكيان الإسرائيلي وتبنيه حتى عندما وافقت حماس على الاتفاق الذي طرحه وفقا لمبادرة الحكومة الإسرائيلية، وكذلك المقترح المصري الذي تم وضع الإدارة الأميركية بصورته ووافقت عليه، مما يعكس حالة العجز والحرج التي سببها نتنياهو للرئيس بايدن في أكثر من مناسبة تفاوضية، مستغلا أجواء الانتخابات الرئاسية الأميركية الضاغطة على مواقف الرئيس بايدن وقراراته، وإظهاره بالعاجز عن إحداث أي تأثير في الموقف الإسرائيلي، وبلغ به الأمر أن يوجه الاتهامات إلى حماس بعرقلة المباحثات بدلا من إسرائيل التي تتحمّل مسؤولية ذلك، ومطالبته الوسطاء القطريين والمصريين الضغط على حماس لإبداء مرونة أكثر في مواقفها منها (المباحثات)، رغم موافقتها على الاتفاقات المقدمة. وربما يحاول نتنياهو أيضا استغلال الأزمة مع إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة وتهديدها بتوجيه ضربة عسكرية انتقامية ضد الكيان الإسرائيلي، والتي دفعت الولايات المتحدة إلى تكثيف وجودها العسكري في المنطقة إلى جرها لدخول حرب ضد إيران واتساع نطاق التصعيد في المنطقة، تماهيا مع ما يسعى إليه من إشعال حرب إقليمية للتغطية على فشله، وفشل حكومته وجيشه واستخباراته في 7 /10، وعجزه عن تحقيق أهدافه في حربه على غزة ممثلة بالقضاء على حماس وقدراتها العسكرية وتحرير المحتجزين الإسرائيليين بالوسائل العسكرية.

تصميم و تطوير