أوقفوا سردية «التخويف» فالأردن ليس دولة هشة

{title}
أخبار دقيقة - كتب - عمر عليمات 
 مع كل أزمة إقليمية ترتفع وتيرة سردية التخويف والقلق على مستقبل الأردن، وتطفو معها مصطلحات «عين العاصفة» و»حزام النار» و»شفا الهاوية»، وهذه السردية ليست شعبوية بل تتبناها نخب سياسية وإعلامية، إلى الحد الذي أصبح فيه وجدان الأردنيين مشبعاً بشعور دائم بالخطر والخوف من المستقبل.
قبل كل شيء لا ينكر أحد أن منطقتنا من أصعب المناطق في العالم، وأكثرها تعقيداً، فالتصعيد والتوتر هو السائد، فيما الاستقرار والهدوء هو النادر، وهذا الأمر من الطبيعي أن يؤثر على كافة دول الإقليم دون استثناء وليس حكراً على الأردن فقط، فكلنا في الهم شرق، إلا أننا نكاد ننفرد بسردية الخوف من المستقبل التي يروج لها ويعززها الكثير من الكُتاب والسياسيين والأكاديميين، وهذا ما يدعونا للتوقف والسؤال: لماذا نسمح لسردية الخوف أن تستحوذ على عقولنا؟ ولماذا نصر على ترسيخها في نفوس الأجيال المتعاقبة، ونغذيها ونعززها مع كل أزمة في المنطقة؟.
الدولة الأردنية في مئويتها الثانية، ليست دولة مهزوزة، وليست كيان طارئ على التاريخ والجغرافيا، بل دولة راسخة مرت عليها حروب وصراعات وأزمات لم تمر على غيرها، وتجاوزت كل ذلك، وتخطت التداعيات والآثار السلبية بحكمة وقدرة على إدارة المواقف في أصعب الظروف، فمن الحروب المفتوحة إلى زمن الانقلابات إلى الربيع العربي والفوضى التي خلفها في الإقليم، تعدى الأردن كل ذلك، وبقي مستقراً وراسخاً، واستطاع أن يبني نموذجاً أكثر تطوراً من العديد من الدول المحيطة به والتي تمتلك إمكانيات أكبر بكثير مما يمتلكه.
كل ذلك، يدفعنا للسؤال الأخر: لماذا نكرس السردية السلبية في ثقافتنا العامة؟ وهل هي السبيل الأفضل لتحصين بلادنا وحمايتها من التحديات التي تواجهها؟ ألا يوجد بديل يتسم بالإيجابية والثقة في النفس يمكن أن يدعم استقرارنا ويعزز قدرتنا على مواجهة التحديات؟، ألم يحن الوقت لندرك أن سرديات الخوف والقلق لا تبني أوطاناً ولا تحميها، بل تعزز الشعور بالعجز وإضعاف الروح الوطنية.
لا أحد يطالب بتجاهل التحديات أو التقليل من شأنها، بل التعامل معها بطريقة مختلفة، من خلال التركيز على قدرة الأردن في حماية نفسه ومقدراته وشعبه، وقدرته على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية، بفضل حكمته السياسية ومرونته الاستراتيجية، فنحن في الأردن لدينا روافع عديدة أهمها السياسة الحصيفة والحازمة التي يقودها الملك عبدالله الثاني، ووجود مؤسسات عسكرية وأمنية ومدنية لديها من القدرات والإمكانات ما يمكنها من الدفاع عن الدولة وحماية سيادتها، وشعب لديه من الواعي والإدراك أثبت على مدار العقود الماضية أنه شعب يعرف كيف يدافع عن أرضه ومقدراته.
أليس من الأجدر ونحن نمتلك مثل هذه الروافع المتينة أن نعيد صياغة خطابنا الوطني ليعكس قدرتنا على حماية وطننا ومواجهة التحديات، بدلًا من الاستسلام لفكرة الهاوية الوشيكة؟! أليس من الأفضل تعزيز سردية الثقة بالنفس، والاعتقاد بقدرة الدولة والقيادة وأجهزتنا العسكرية والمدنية على تخطي الأزمات والتعامل مع آثارها وتداعياتها؟.
باختصار، ندرك حجم الصعوبات وعمق الأزمات، ونعي الكثير من المؤامرات والأجندات المخفي منها قبل المعروف، ولكن في ذات الوقت نؤمن بأن الأردن ليس وطناً من كرتون، وليس في حالة ضعف وهشاشة، وعلينا إعادة صياغة سرديتنا الوطنية، والتركيز على قدراتنا وإمكانياتنا، فلسنا على حافة الهاوية، بل نحن راسخون في هذه الأرض، وستبقى الأزمات مجرد «زوبعة في فنجان».
تصميم و تطوير