عدنان نصار: غزة .. عندما يفيض وعاء السماء بالدعاء.. وأضحى بلون الدماء

{title}
أخبار دقيقة -

كما فاض وعاء السماء بأدعية وقفة عرفات، لنصر طوفان الأقصى.. فاضت أيضا طرقات غزة بعطر دم الشهداء المستمر منذ ما يزيد على 250 يوما من عدوان فاق بهمجيته ووحشية زادت من تلطيخ سمعة الاحتلال، بأفعال عجزت عن ذكره كتب التاريخ.. وكما فاضت طرقات غزة بكل هذا الدم، يعوم النصر أيضا فوق ماء المتوسط بإحتراف وصبر، وأغرقت أحلام الإحتلال في قاع وحل غزة .

وعلى الرغم من الدم المراق للشهداء والأبرياء والاطفال والنساء، تراقص فرح الصغار، على ضفاف الدمار والركام، ولبسوا ما تيسر من "ملابس العيد”، وزهت بهم أرض غزة ..أرض المجد والقيم والقمم ..زهت أرض غزة واتسعت، بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت، وعجز إتساع الأرض عن تقديم العون، ومد اليد للشقيق الفلسطيني في أعتى هجمة همجية يتعرض لها الإنسان في وطنه ..وفي أحدر مراتب الجريمة همجية، على يد جيش يتلذذ بقتل الأبرياء .. لا تنزعج مطلقا حكومة الحرب الاسرائيلية من سوء سمعتها وسوء فعلها الإجرامي ..، فهي وظيفتها الإجرام بإسم "السياسة والدفاع المشروع عن وطن مسروق” !!


هكذا ببساطة، يطيب للصهيونية ان تلعب على أكثر من حبل، وهي بارعة أيضا في تسويق دعاويها وأكاذيبها في إطار اللعب على الحبال، لكنها في خاتمة الخبر كاذبة، وفي خاتمة الحديث كاذبة، وفي خاتمة السياسة مجرمة وكاذبة

(غزة) الأكثر في الصدق، والأعمق في الحق، والأوسع في صد العدا ..تستمد عزيمتها من قوة الإيمان بالقضية، وتستند إلى صبر الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، وكل فلسطين، الذي يعتبر جزء اساسي من المعركة، وركن من أركان النصر ..فمعركة الإنسان هناك لا تقل أهمية عن كتائب القسام او فصائل المقاومة، فجهاد الإنسان الفلسطيني يتجلى في غير مكان، وكل زمان من زمن العدوان الهمجي المستمر منذ أكثر من ثمانية شهور .

ومثلما لعيد الأضحى المبارك، قداسته الدينية، أيضا للصبر قداسة خاصة، ومكانة خاصة، والجهاد مع النفس له سموه، وقدره، ربما يشكل أعلى مراتب الجهاد ..فعيد غزة، الذي دخل يومه الثالث اصطبغ بلون الدم، كما كل الايام التي تلت السابع من أكتوبر إلى اللحظة الراهنة، وإراقة الدم الفلسطيني لم يتوقف.!

فاض وعاء السماء بالدعاء، واصطبغ الأضحى بلون دم الابرياء ..، وظلت (غزة) قبلة الحدث التي لا يزاحمها حدث، ووجهة الخبر الذي لا يتقدم عليه خبر..فكل هذا "الحبر الأحمر” لم يروي عطش المارقين، اخوان الشياطين، حتى الشيطان بريء من فعلهم..!! وربما خجل "إبليس” وهو يتلقى حصوات الرجم من الفعل الإجرامي للصهاينة، الذين يعتقدون ان أرض فلسطين "وعد” إلهي لهم ..،مطلقا، فالذين أتعبوا الأنبياء، وقتلوهم، لا يرتقون مطلقا إلى مستوى "الوعد” ..فالله منهم بريء منذ إنقلبوا على أمر الله في (ذبح البقرة).

في (غزة) تبقى العروق نابضة في الذكر ..وترتبط تلك العروق بحبل مع الله..وستبقى غزة عربية الحزن..عربية الفرح ..عربية التاريخ ..عربية الجغرافيا ..رغم الدم المراق في طرقاتها وزقاق مخيماتها، وعلى شواطئها، ستبقى غزة بارعة في الصبر ..كما هي بارعة في النصر .

لا يعني أطفال غزة "مطبخ حرب” عصابات الحرب الذي أعلن عنه الإحتلال امس..،فالأسماء وإن اختلفت، فهي وصمة عار إضافية على جبين إحتلال، إرتكب أفظع الجرائم اعتادت عليه ذهنيته منذ مذبحة

"دير ياسين” الفلسطينية، يوم 9 أبريل/نيسان عام 1948، على يد الجماعتين الإرهابيتيّن "أرجون، وشتيرن”.. ذات المجازر تستمر بذات الذهنية وان اختلفت اسماء العصابات.!!

كاتب وصحفي اردني..


تصميم و تطوير