عدنان نصار: (غزة) أنا والبحر جيران.. في العيد: شبره أمرة شمس نجوم.. ونوارس فوق شواهد القبور!

{title}
أخبار دقيقة -

وج البحر هاديء ، والطقس حار ، وزبد البحر بحمل رائحة الموت ..وماء المتوسط يمارس البكاء على تلك الضفة..،هنااااك ، يبكي القوارب التي خذلها العرب "الأقارب” ..وتروح موجة لتجيء أخرى ، ولا يحمل الماء غير نوح كربلائي ..نوح يحكي قصة بوح يرويها الماء لنوارس البحر ، تحلق على ارتفاعات منخفضة فوق شواهد القبور ، تلقي تحية صبح العيد الباكر على أرواح قالت :سنأت بالخبز لصغارنا ..، انتظروهم لما بعد المغيب ولم يعودوا..!

هنا النوارس ، تحلق ، تعب القليل من ماء البحر ، تصفق بأجنحتها وتصب الماء على كتف صبية عطشى ..تعب وتصب ، هكذا تبدأ النوارس رحلتها الصباحية ثم تلوذ إلى مساءات الأسئلة :ما الذي جرى يا (غزة) عطشى تنامين وتصبحين..وانت/ي والبحر جيران ..!

 
هنا النوارس ، مع صبح العيد الباكر ، تربت بأجنحتها على ام ثكلى محملة بالجراح ، وشقيقة وسطى تبكي الكبرى ، في صبح العيد يشتد النواح ..هنا ، تصفق نوارس البحر بأجنحة مكسورة ، لتجبر خواطر غلفها الدم بورق هدايا ليقدمها في صبح العيد لطفلة تبحث عن دميتها ..عن ملابس عيد يدق الباب ، يخبيء فرحته لها ، ولأم خطفها بارود "العدا” ، وهي تعد الطعام وتغني لطفلتها:” يمه القمر ع.الباب ، خبط وقال با أحباب ردوا على الخطار ..يمه اعملي معروف ما عادش فيه كسوف قومي افتحيلو الباب ..” هنا النوارس تحط بأجنحتها على شواهد قبور الشهداء..يا هذا العيد أسعف دمع امي ، وأعطها منديلي الأحمر ، وقل للراحلين :سلام على غزة ..وسلام عليكم يوم ولدتم ، ويوم متم ، ويوم تبعثون أحياء .!

(2)

(رفح) ..طرقات المدينة ، حرثتها آلة العدوان الصهيوني المنحط ..، والمدينة تغيرت إحداثياتها ، نسفوا كل شيء بحقد تخطى حاجز الإجرام ، وتفوق على السفالة ..كل شيء هنا ، مختلف..مختلف تماما ، نازية بإمتياز ، صهيونية مع سبق الإجرام والإنحطاط ..والدم والنار نسخة محدثة عن التتار ..، موت في كل إتجاه وعلى ناصية الطرقات يقف أوباش العصر ، لا خلق يردع قتلة الأنبياء ..فأي لغة يفهمها الأوغاد غير لغة (القسام)..

رفح ..فرح ..فوق ركام حي بأكمله تجتمع طفلات الحي في صبح العيد ، يتراكضن مثل فراشات زاهيات يبحثن عن بقايا فرح في رفح ..فستان بمبي اللون ، وحذاء زهري ، تمسك حنين أبنة الثمانية أعوام حبلتها البيضاء تقابلها فردوس المناثلة لها بالعمر ..هيا نبدأ ويتحلقن ثلاث طفلات :”شبرة إمرة شمس نجوم ” أجساد غضه تتقافز لعلها تجد فرحة لم يغتالها أعداء الله ..،هنا ، ثمة طفل ممسك بخيط طائرة ورقية يدفعها مع اتجاه الريح ، ويركض ليعطي طائرته قوة اضافية في التحليق .. هنا ، تتحلق طفلات صغيرات ينشدن في صبح العيد :” أعطونا الطفولة…” هنا ، يلعب صبيان في صبح العيد "طاق ..طاق ..طاقية” ..هنا يترصد الأوغاد الطفلات والصبية والأولاد بآلة الموت الهمجية .

(3)

دعيني أحمل عنك/ي سعف النخيل ، وغصن الزيتون ..دعيني ، احمل سقيا الماء للموتى ، لنرش سويا على وردهم رذاذ الماء في صبح العيد الباكر ..

هيا ..لنسرع قليلا يا أمي ، فقذائف الموت تلاحقنا ..لا مكان آمن ، حتى المقابر .!

هيا ، نسرع الخطى ، كي نلقي تحية العيد على الغائبين ، نقبل شواهد قبورهم ، أو أي إشارة تدل على ذلك..!

الموت يحاصرنا ، كما لو إننا نقف على قائمة الإنتظار ..(معلش) في نهاية المسار ، إنتصار..حتى نوارس البحر اخذت نصيبها من شظايا الأوباش ..،حتى ماء البحر لم يسلم من لون الأحمر القاني ..فكلةشيء هنا قابل "للموت” ..إلا (غزة) قابلة للحياة ، وتمهد لبعث عظيم .!

"هاتي” غصن الزيتون وخذي مني سعف النخيل ..ضعي الأكليل انت/ي أولا ..ف”إبراهيم ” اخي زارني في منام امس وقال :”لتضع أمي سعف النخيل على قبري ..، وأنت أغرس غصن الزيتون عند كتفي الأيمن ..قص عليها حكاية الحلم ، ناحت فوق شاهد القبر ، ببكائية فلسطينية في صبح العيد الباكر :”أويها عريسنا البرنس صغير

أويها مـا طبق الثلاثين

أويها خطبنالو بأيام الورد

أويها بدنا نجوزو بأيام الياسمين” ..يحدث ، في غزة أكثر مما تحتمله القلوب ..،يحدث هذا فقط في غزة ..فسلام على غزة ..سلام على الصابرين ..سلام على الراحلين ..وعلى المنتظرين المجد والسلاما.!!

تصميم و تطوير