داودية يكتب _عن الصقر إحسان والصاعقة تحسين !!

{title}
أخبار دقيقة - كتب _محمد داودية
أدركت حميد شردم والد إحسان وتحسين، وكان موظفا في شركة بترول العراق (I.P.C) في المفرق عام 1958. وتعرفت على إحسان وتحسين في تلك الأيام، كانا يسكنان داخل (كامب الآي. بي. سي) المسيّج في المفرق، الذي يحتوي على سينما وملاعب ومول (سبني) ومدارس وعيادات طبية وفرتها الشركة البريطانية لموظفيها، في الإجفور (H4) حيث ولدتُ انا، ووفرَتها في المفرق وفي جميع محطاتها التي تبدأ بالحرف H وهو يعني حيفا، حيث مصفاة النفط القادم من كركوك.

ظل الشاب تحسين حميد، الذي يكبرنا بخمس سنوات تقريباً، يثير إعجاب معظم شباب المفرق: عبد المهدي التميمي، وعمر صايل الحسبان (أصبح طياراً)، وإبراهيم صايل الحسبان، وفراج وشوقي دبابنة، ومحمود كسّاب، وسمير إسحق، وفخري وميشيل النمري، ومحمد الجعبري، ونيازي وفؤاد جرار، ومحمد العجلوني، وجميل حامد، وجمال وطلال ماهر شكاخوا، ومحمد الرواد، وعلي عزيز المعاني، ومحمد الشوشي، وشوقي حمارنه، ومحمد حلمي عبد الهادي، وأحمد موسى التكروري.
كان شعاره «المرجلة في الجيش».
كان تحسين يتمنطق بخنجرين لامعين، ويبهرنا وهو يؤدي القفزات والشقلبة الهوائية الصعبة، التي أيقنا معها انه في الاتجاه إلى الجيش الذي خلب لبّه. لقد حدد مصيره وهو ما يزال يافعاً وأصبح تحسين ما تمنى، قائد القوات الخاصة الأردنية- الصاعقة !! ثم مديراً للأمن العام، وحينها أهداني مسدساً دوّاراً -طاحونة.
وكان إحسان شخصية جادة ذات مهابة، بشاربه الرجولي الشركسي، وصرامته وابتسامته الموزونة الرزينة.
ذهب إحسان مبكراً إلى العلى والسمو، فاختار دراسة الطيران، وتخرج بتميز من كلية الحرب الجوية- سلاح الجو الأميركي، وعاد طياراً مقاتلاً، حتى تسلم قيادة سلاح الجو الملكي الأردني.
وشاءت الأقدار الطيبة، أن اتزامل مع هذا الصقر الأردني إحسان باشا في الديوان الملكي عامي 1992 و 1993. كنا نجد وقتاً للقاءٍ قصير، لاختلاف المهام والواجبات. فقد تقاعد واختاره جلالة الملك الحسين، مستشاراً له. وتوليت انا مهمة «مدير الإعلام والعلاقات العامة للديوان الملكي».
كنت لا اتوقف عن إبداء إعجابي به، وبشقيقه تحسين باشا، وبالشركس عموماً.
حفلت مسيرة إحسان باشا بالعطاء والإبداع والتفاني في أداء الواجب، واحاطت باسمه المهابة المزدانة بالاحترام والثقة.
الطيار المقاتل إحسان شردم، من نسور الجو الأبطال، الذين شاركوا في معركة السموع في تشرين الثاني عام 1966، وفي حرب الأيام الستة في حزيران 1967 ضد العدو الصهيوني، أسقط إحسان عدة طائرات إسرائيلية، وشهد له ببطولاته في هذه الحرب الملك الحسين في كتابه «مذكرات ملك».
وها هي طائرتُه التي شارك فيها بمعركة السموع، تشمخُ كنصبٍ تذكاري في مدخل صرح الشهيد بالمدينة الرياضية.
تمتع إحسان باشا بصرامة، وجدية، كما تحلى بالود والمساعدة ومد يد العون والتواضع، واهتمام بالواجب، وانصراف كلي له.
نعى جلالة الملك عبدالله، إحسان باشا شردم، قائد سلاح الجو، والعين الأسبق، والفريق الركن الطيار المتقاعد، نعياً هاشمياً حمل تقديراً عالياً وعطفاً كبيراً وإحساناً لمن أحسن إلى وطنه وعرشه.
قال الملك: «فقدنا صقراً باسلاً من صقور سلاح الجو الملكي الأردني. كان أخاً عزيزاً ورفيق سلاح شجاعاً. قاتل ودافع عن سماء الأردن ببطولة يشهد لها التاريخ، وساهم بكفاءة في تطوير القدرات القتالية لسلاح الجو. رحم الله إحسان باشا شردم ، ورحم شهداءنا الأبطال».

تصميم و تطوير