رمضان شهر العبادة والرحمة والدروس
أخبار دقيقة -
يهلّ علينا شهر رمضان- شهر العبادة والرحمة- ونحن نعيش أجواء الكآبة والحزن الذي يدمي القلب ويدمع العين؛ فأهلنا في فلسطين وغزة يستقبلون هذا الشهر الفضيل بتوديع كواكب الشهداء وبأشلاء أطفالهم ونسائهم وشيوخهم التي ترتكبها آلة القتل الصهيونية الهمجية التي تعيث بالأرض: قتلاً؛ وتدميراً؛ وخراباً. لا ترحم مسنّاً أصم لتقتله بدم بارد وبقلب لا تسكنه الشفقة (فقلوبهم أشدّ قسوة من الحجارة) ولا الرحمة وهو رافع يديه. أي إجرام هذا الذي تقبل به البشرية أو مدعو الإنسانية: بشراً؛ ومنظمات؛ وهيئات دولية، أصاب آذاننا الصمم من كثرة ما سمعنا منها مناداة بحرية الإنسان وحقه في الحياة، لكنها تلوذ اليوم بالصمت والصمت فقط. يقف العالم كله صامتاً أمام مجازر القتل والدمار باستثناء إحصاء عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين وتعداد أيام المعركة. وكأن من يقتلون ليسوا بشراً، وكأن تهديم دور العبادة من كنائس ومساجد ومنع المصلين من الصلاة فيها، وفي درتها المسجد الأقصى، هو حق للمحتل الظالم والقاتل.
نستقبل رمضان ولنا أخوة وأخوات وأبناء هناك يزيد تعدادهم عن مليونين وربع إنسان محاصرون، مساجدهم مدمرة، ويحرصون على أداء صلاة التراويح تحت القباب المهدمة والمآذن الشامخة، وبيوتهم في العراء ولا شراب ولا طعام ولا مأوى ولا علاج لهم، حرمها عنهم مجرم قاتل لم تعرف البشرية له مثيلاً..!! نستقبل شهر رمضان لنجدد العهد بالتقوى والتأمل في قيم الأخوة والتكافل والتراحم والصدقة والزكاة؛ فنضعها في مكانها الصحيح، وليكون لأخوتنا المحاصرين المكلومين الجائعين هناك نصيب منها؛ فهم الصابرون والمرابطون والمدافعون عن الأرض والمقدسات. كما لا ننسى أيضاً إن إعطاء الصدقات حق وواجب للفقراء والمساكين وأداء الزكاة لمستحقيها؛ فالصدقات والزكاة تؤديان دورًا حيويًا في دعم الفقراء والمساكين، حيث تمثل هذه الأعمال الخيرية جسرًا للتضامن الاجتماعي. كما أنهما تسهمان في تحقيق التوازن الاقتصادي وتوفير الحاجات الأساسية للفئات الأكثر احتياجًا.
وتشكل العبادات كصلاة الجماعة وصلاة التراويح أيضًا جانبًا أساسيًا من الأنشطة الروحية والاجتماعية، وتجمع المسلمين في لحظات تأمل وتسبيح ودعاء لجمع الكلمة ورص الصفوف وتوحيد الأمة ونصرة المظلوم. وتعد قراءة القرآن وتدبّر الآيات في رمضان فرصة للتعلم والنمو التربوي؛ فهي تعزّز الفهم العميق للقيم والأخلاق الإسلامية، وتوفر للفرد فرصة لتطوير تفكيره وتحليله والبناء على الإيجابيات وتلافي السلبيات بروح من الحب والعطاء والتسامح. وتشجع قراءة القرآن وتدبّر آياته بسياقها الروحي في تشكيل شخصية المسلم، وبخاصة الأطفال والشباب، القائمة على القيم والتقدير واحترام الجماعة وتعزيز البُعد التربوي بتفعيل عملية التعليم والنمو الشخصي. رمضان شهر خير وبركة وتكافل وأخوة وتوادّ ورحمة وعبادة وإحساس بالآخرين والعمل على مساعدتهم. أعاده الله علينا وعلى بلدنا الأردن وسائر بلادنا العربية والإسلامية باليمن والخير والبركات وقد تآلفت قلوبها وتوحدت كلمتها، وأزال الله الغمة عن أهلنا في غزة ورفع الحصار عنها وانصر أهلها على الظلم والقهر والعدوان. اللهم آمين.