عدنان نصار: وقف العدوان.. أم الانشغال في إدخال المساعدات..(غزة) تحرق مراكب “نتنياهو” السياسية

{title}
أخبار دقيقة -

فجيعة غزة اكبر من ان تحتمل ، وما فقد من أرواح ، وإتساع الدمار ، والتشرد صار أكبر بكثير من الطاقة البشرية للصبر ..، ورؤيتنا عبر فضائيات والسوشيال ميديا لمشاهد الإجرام بحق اطفال وحرائر غزة ، تخطى حاجز الجريمة ، ودخل حيز تعجز مفردات العدوان وغير الإنسانية عن وصفه.. عمليا دخلت غزة حرب الإبادة الجماعية ، على يد آلة الإجرام الحربي الصهيونية ، التي تمردت ليس على القيم ، بل ما هو ابعد من ذلك : العداء   لكل عربي على اختلاف عقيدته وأيدولوجيته الفكرية ..عداء صارخ ، والسكوت عليه يعني الرضى عنه ..بما في ذلك الصمت العربي والاسلامي الرسمي ..أما صمت الغرب ، فهذا في حسابات السياسة الدولية امر إعتيادي، إذ لا يمكن للغرب مع استثناءات قليلة منه ، ان ينحاز إلى أي قضية عربية ..وهذا تخطى أيضا حاجز الخجل السياسي ، ليمارس الوقاحة عالمكشوف .!!

  حديث العالم الغربي ، بزعامة أمريكا ، إنصب على كيفية :”إدخال المساعدات والاطعمة والأدوية إلى غزة” ..، حديث غربي أيضا بزعامة أمريكا لا يبعث على الخجل ، بقدر ما هو إلتفاف سياسي على القيم الدولية وقانونها المانع اصلا للتجويع أثناء الحرب ..لكن ، يبدو أن أمريكا بكل طاقاتها الحضارية والإنسانية وقوتها العظمى ، وقفت عاجزة أمام “الصهيونية” ، ولإرضائها استخدمت حق النقض الفيتو عدة مرات ، لمنع وقف العدوان على غزة ، مما شكل هذا الفيتو وصمة عار اضافية السياسة الأمريكية . أمريكا، راهنا أكثر عرضة للنقد والشتم من كل أحرار العالم ، دول وأفراد وأحزاب وهيئات ..وهي اكثر عزلة بعد أن باعت العدل الدولي في سوق الظلم ، بأرخص الأسعار ، لكأن إسرائيل تتقصد تعرية امريكا ، ووضعها في خانة العاجز عن اي فعل..فالعدل الزائف ذاته لم تبعه أمريكا عندما تعلق الأمر بأوكرانيا، هنا اختلفت المعادلة وصار العدل الدولي “الأمريكي” يصف روسيا بالدولة المجرمة والمعتدية فيما تصف عدوان اسرائيل على غزة ب”حق الدفاع عن النفس” ..هل يعقل أن تكون أمريكا وسياستها وصلت إلى هذا الحد، من السذاجة، ام هو خبث أيضا على المكشوف؟! كان الأولى أن يقود العالم الحر، حملة سياسية دولية لوقف العدوان على غزة، ومن ثم الحديث عن باقي التفاصيل الكبيرة والصغيرة.. غير أن امر كهذا لم يقم به العالم الا بنداءات عاجلة تفيد بضرورة وقف العدوان ، لكن الشغل والفعل على الأرض في واد آخر .. فالعدوان الغاشم لم يسمع اي نداء دولي ولا عربي ولا إسلامي ، وضرب بعرض الحائط لكل تلك النداءات ..! وهذا يعيب العالم الحر ودول قرأنا في كتب التاريخ والسياسة انها “عظمى” ..فأي “عظمة” تلك العاجزة عن وقف عدوان ..وتنشغل بذات الوقت بكيفية إدخال المساعدات إلى غزة ..ما يحدث واقع سياسي مخجل ،يكشف عن حجم التآمر على القيم والقضية الفلسطينية.
ما يهم أمريكا، وذراعها “اسرائيل” هو إطلاق سراح الرهائن ..أما وطن بأكمله وشعب بأكمله يقع فريسة للرهن والإختطاف ،فهذا ليس من الأمور الهامة..(ربما) ليس في حساباتهم اصلا ..!! بوضوح أكثر، كان ممكن لأمريكا تنعم أكثر بخيرات الجغرافيا العربية والاسلامية غير العربية، وتعيش أمريكا حالة من العدالة غير  “المتكافئة”، بمعنى ان ترجح كفة أمريكا أكثر من العرب في نصيبها في نهب الخيرات العربية ، لو أن أمريكا تخلت جزئيا عن انحيازها الكلي للإحتلال، “كرمال خيرات العرب”.. غير أن أمريكا تفضلها هكذا :”ضيف وبإيده سيف” وفق القول العربي الموروث ..،في حين الساسة العرب يتعاملون مع أمريكا أيضا ضمن القول العربي الموروث :”اللي مغلوب على أمره بيوكل بصحن صاحب مرته”، وللقراء الأعزاء الحق أن يحللوا المثل كما يحلو لهم..؟! المجاعة في غزة تخطت كل الخطوط بكل ألوانها، والفقد والقتل والدمار، يعد سابقة خطيرة وكبيرة في التاريخ الحديث، ولم يشكل شهر رمضان المبارك، شهر القداسة والصيام والتقرب إلى الله في حسبان العدو الصهيوني..، فهو على أية حال (عدو). بصرف النظر عن إنسياب عدد محدد من  شاحنات المساعدات منتصف ليل السبت/الأحد وعبورها إلى شمال غزة ، وبشكل سلس مثل ما تناقلته الاخبار، الا ان الأصل أن يتم وقف العدوان الهمجي ، وليس الحديث العالمي عن عبور عدد من الشاحنات.. في كل الأحوال الخسارة الأخلاقية لأمريكا وإسرائيل تتسع وتتمدد افقيا وعاموديا على مستوى العالم ..حتى في داخل المجتمع الاسرائيلي في فلسطين المحتلة، فالمظاهرات لإسقاط حكومة “نتنياهو” أيضا تتسع وتتمدد حتى وصلت إلى معظم المدن هناك ..، فالمجتمع الاسرائيلي أدرك بعد نحو 6 شهور من العدوان أن حربه خاسرة ، ونتنياهو يقود “الدولة العبرية” إلى الهاوية..! تسريبات من اعضاء من وفد الاحتلال المفاوض لقضية الأسرى الإسرائيليين ، امس لم تكن اعتباطية ، فالوفد يتهم نتنياهو بإضاعة الوقت ، وهذا مؤشر إضافي على إحتراق مراكب نتنياهو السياسية ، والرغبة في انهاءه سياسيا ، وإخراجه من دائرة صنع القرار. في تقديري، ان العدوان الغاشم والآثم على غزة، يمر راهنا بلحظاته الأخيرة، وهذا يعني بالضرورة، إنتصار المقاومة الفلسطينية في غزة من جهة (رغم الخسائر والفظائع التي ارتكبها الإحتلال) ..وإنهاء حياة نتنياهو السياسية أيضا على يد المقاومة الفلسطينية.. وهذا إنتصار اضافي على الطغاة..!
تصميم و تطوير