د. ماجد الخواجا يكتب : شكراً جنوب إفريقيا

{title}
أخبار دقيقة -

في كلّ مرّةٍ تنجو الثكنة العسكرية الغربية المزروعة في خاصرة لا بل في قلب المنطقة العربية من الحساب نتيجة الدعم الأعمى غير المحدود من طرف الولايات المتحدة بشكل أساسي ومباشر وبتأييد شبه متواصل ومتواطئ لإنجلترا وفرنسا ودول أوروبا الغربية بشكل محدد.

  لم تتمكن الأمم المتحدة من أول قرارٍ تم اتخاذه في القضية الفلسطينية من تنفيذه بدءاً من قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 لعام 1967 أصدره مجلس الأمن الدولي في 22 نوفمبر 1967، في أعقاب هزيمة حزيران 1967، وورد في المادة الأولى، الفقرة أ: « انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير». وقد حذفت « أل» التعريف من كلمة « الأراضي» في النص الإنجليزي بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار. ونص القرار على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مجرد مشكلة لاجئين. وجاء قرار رقم 338 لعام 1973 بعد حرب تشرين، يدعو لوقف إطلاق النار، وإلى تنفيذ بنود القرار رقم 242 والسير بمفاوضات التسوية وإنهاء « الصراع» التي تم استبدالها بجملة « النزاع العربي الإسرائيلي». وقبلهما قرار الجمعية العامة رقم 194 لسنة 1948، الذي نص على حق العودة والتعويض وعلى صيانة القدس وحرية الوصول إليها وتحديد حدود المدينة المقدسة على النحو الآتي: « تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة بما في ذلك بلدية القدس الحالية يضاف إليها القرى والمراكز المجاورة التي يكون أبعدها شرقاً أبو ديس وأبعدها جنوباً بيت لحم وأبعدها غرباً عين كارم -بما فيها المنطقة المبنية في موتسا- وأبعدها شمالاً شعفاط» ، وما تلاها من قرارات لم يتم تنفيذ أي منها بحق الكيان الصهيوني الغاشم. والآن في لاهاي ومحكمة العدل الدولية، تعود ذات الروايات الكاذبة للصهيونيةوالتي ذهبت بها إلى لاهاي بأن حماس حركة إرهابية لا حركة مقاومة وتحرر، وإن حماس تختبئ بين المدنيين وفي المدارس والمستشفيات، وأنها قامت بقتل الأطفال وقطع أعضاء من أجسادهم، وأنها تجند أطفالا دون الخامسة عشر كمحاربين، وأنها تستخدم بيوت المدنيين وغرف نومهم في إطلاق القذائف، أنها تنهب المساعدات التي تدخل للقطاع، وأن لا صحة لأرقام الشهداء والجرحى التي تصدر عن غزة، وأنها حولت المدارس إلى مقرات عسكرية، وأنها تستخدم المدنيين كدروع بشرية، كأنها تريد تحصيل إقرار من محكمة العدل الدولية لمواصلة القتل الجماعي العشوائي والمطالبة بعدم وسم الحرب في غزة على أنها إبادة جماعية.وهاجمت جنوب إفريقيا على أنها منحازة إلى حركة حماس، وتحاول ربط حالتها بالحالة الأوكرانية وترفض الحالة البوسنية، وتصرح أن الطرف المشتكي ليس طرفا في الحرب، لكنهاتقبل تحالف دولي غربي لتأييدها وتعطيل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وترى أن ما يمارسه جيشها من إبادة ضد غزة لا تستدعي أية تدابير احترازية أو وقف إطلاق النار. لكن مع كل هذا العبث في القانون الدولي، مع كل الازدواجية والتعددية في المعايير، إلا أننا نراكم تجربة إنسانيةً ثريةً بالصمود والمقاومة والتشبث بالحق والعدل، نعم قد تكون القوة هي من تقرر كيف يكون التنفيذ، لكن في النهاية لن يصح إلا الحق والخير والعدل. ما يجري في لاهاي مشهد إنساني جميل نتمنى أن تصدر عنه قرارات منصفة ونزيهة، قد لا تعيد حقاً لكنها تؤكد عليه. مشهد اجتمعت فيه معظم دول العالم وفي مقدمتها تلك الدول المستضعفة والمظلومة مما يدلل على أن الخير في الإنسانية باقٍ وأن الحرية تنتزع لا تستجدى.
تصميم و تطوير