د . راكز الزعارير : دبلوماسية المقاومة بعد حرب غزة

{title}
أخبار دقيقة -

ستدخل المقاومة الفلسطينية مرحلة جديدة من تاريخها بعد مرحلة الحرب التي خاضتها منذ ٧/ اكتوبر، إلى مرحلة معركة دبلوماسية لحصد مكاسب الصمود في حرب غزة، والتي كلفت الشعب الفلسطيني ثمنا باهضا جدا دفعه من دم أبنائه الفلسطينيين.

“حماس» تحدث في بياناتها مرتين عن الالتزام بمسار سياسي لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس بعد وقف الحرب، ومصالحة فلسطينية منتظرة مع السلطة ستلتزم بها المقاومة في غزة، ومن المفترض أن اسماعيل هنية مفوض من القيادة العسكرية للمقاومة وحماس المتمثلة بالسنوار والضيف بطرح تصورات سياسية للمقاومة لما بعد وقف الحرب في غزة.
هنية قدم موقفا يعكس فيه أمام المجتمع الدولي، أن المقاومة وحماس صاحبة القرار في الحرب والسلام الفلسطيني مع إسرائيل، وهو يعلن ويعرض ضمنيا مشروعا سياسيا بقبول المقاومة بحل الدولتين.
الملفت بطرح هنية أنه جاء بعد تصريحات بايدن بإصرار الولايات المتحدة على مبدأ حل الدولتين، ومطالبته رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو تغير في حكومته المتطرفة، والقبول بالدولتين لمصلحة امن إسرائيل، وايضا اشادة هنيه باللجنة العربية الاسلامية المنبثقة عن قمة الرياض، والتي تبحث مع المجتمع الدولي وقف الحرب والأفق السياسي للسلام بعد حرب غزة.
هنية توافق بطرحه لأول مرة مع الرؤية العربية والدولية لحل الدولتين، وترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني للاستعداد لمعركة سلام مفترضة تكون المقاومة وحماس جزءا فاعلا منها، في الوقت الذي كان اهم معوقات السلام فلسطينيا أمام المجتمع الدولي هو موضوع التمثيل الفلسطيني في أي مؤتمر أو مبادرة سلام، وكانت المقاومة حتي يوم ٧ اكتوبر لا تعترف بوجود إسرائيل واتفاقيات السلام التي وقعت معها، وتدعو للوطن الفلسطيني من النهر إلى البحر، وانشقت المقاومة منذ ١٥ عاما عن السلطة الفلسطينية بسبب رفضها معاهدة اوسلوا، وايضا هي لم تعترف بالمبادرة العربية للسلام، ولا بقرارات مجلس الامن الدولي المتعلقة بحل القضية الفلسطينية وجميعها تتضمن حق إسرائيل بالوجود والأمن.
اليوم يعني إعلان المقاومة على لسان قادتها موقفاً استراتيجيا مهما بنزولها إلى الأمر الواقع، والى خيار السلام بعد أن خاضت حربها مع إسرائيل وقدمت أكثر من ٢٠ ألف شهيد و٥٠ ألف جريح و٢ مليون فلسطيني من النازحين الجدد في قطاع غزة في مسلسل النضال الفلسطيني، ومع الأمر الواقع هذا مناشدة هنية القادة العرب والمجتمع الدولى وقف الحرب فورا على غزة، لتجنب المزيد من الخسائر الباهضة من أرواح الشعب الفلسطيني.
هذا الموقف من المقاومة لا يعتبر بكل الأحوال والمعايير الاستراتيجية انهزاما لها أو استسلاما في الحرب كما حاولت بعض الجهات الإعلامية تفسيره، لا بل يعتبر قطفا لثمار الحرب والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
من المؤكد أن تكون الخيارات في المستقبل القريب للشعب الفلسطيني، ليختار من يمثله كقيادة فلسطينية موحدة تحاور العالم وإسرائيل، قيادة ستحظى اولا بدعم اردني ومن جلالة الملك عبدالله الثاني كما يؤكد دائما على وحدة الضفة وغزة في الدولة الفلسطينية، ودعما عربيا ودوليا وخاصة من الولايات المتحدة.
تلك هي بعض من حقائق الامور، وهي جزء مهم جدا من مفاتيح افق سياسي في المستقبل القريب فرضتها حرب غزة، لحل عادل لقضية وحقوق الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس وغزة على حدود١٩٦٧.
تجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن مواقف ايران اللاعب الرئيسي في التأثير في الصراع الحالي في غزة وتداعياته، متغيرة حسب مصالحها تجاه إسرائيل والولايات المتحدة، وسيكون لنا مقال لاحقا حول الدور الإيراني المستقبلي
تصميم و تطوير