الأمن الفكري ضمانة الأمن المجتمعي

{title}
أخبار دقيقة - كتب _ م. هاشم نايل المجالي 
 

لقد لاحظنا بالآونة الأخيرة كثيرًا من الظواهر الدخيلة على مجتمعنا، وأصبحت تفتك بشبابنا وتقودهم نحو التهلكة. إن تماسك المجتمع واستقراره وتلاحم أفراده بكل أطيافه أمام الأزمات والتحديات مطلبٌ أَوّلي وأساسي، وهو من أهم أنواع الأمن، وهو الأمن المجتمعي، والذي يعني بقدرة المجتمع على الحفاظ على هويته مطابقةً للأصل في ظل ظروف صعبة ومتغيرات وتهديدات محتملة.

وهو يمثل درعًا لمواجهة مختلف أنواع الجرائم، فهناك شبكات إجرامية مختلفة ومتنوعة على أبناء المجتمع مواجهتها، فهي أصبحت تتعدى على الحقوق الشخصية، وتمتهن الحريات الأساسية، وتعمل على تفكيك المجتمع، حتى بتجارة المخدرات بأنواعها، التي أصبحت رائجة بأساليب عديدة وبأنواع متعددة، حتى أصبحت تتجاوز كرامة الأفراد بصور مختلفة، وتستخدم وسائل لا أخلاقية منافية للآداب العامة.

وأصبح هناك الابتزاز والتشهير والمقاطع المفبركة والمكذوبة والافتراءات التي لم تعد خافية على أحد، واختراق الحواسيب والهواتف المحمولة للاحتيالات المختلفة، فهناك رسائل وهمية. أمام كل ذلك، فإن الواجب الوطني والمجتمعي والأخلاقي أن نقف صفًّا واحدًا في وجه كل من يحاول زعزعة الأمن المجتمعي، وكل من يحاول أن يُفَتّت الصف الواحد، وإحداث الفرقة والخلل، وبث الشائعات والكذب على القيادات الوطنية والرموز.

فإن الوعي المجتمعي أساسٌ للأمن المجتمعي، فعلى شبابنا أن يحذر أن يكون أداةً من الأدوات أو مطايا للأعداء، فنحن على ثقة بشبابنا، بكل شموخ، بقوة تماسكهم ورسوخهم بثبات لمصلحة وطنهم، ولأدبهم، والقصص مأثورة، والتاريخ يشهد بذلك، فهو شاهد صدق لا يتغير.

ولنكن سهامًا في أعين الحاسدين والحاقدين أينما كان مكانهم، ولا مكانة للمزايدين، وعلينا أن نواجه ذُلّ الغزو الفكري المتتابع، الذي يستهين بعقول البسطاء من شبابنا ليُغَرَّرَ بهم، فإن الأمم والأمجاد والحضارات إنما تُقاس بعقول أبنائها وأفكارهم ونقاوة قلوبهم، فالعقل هو أكبر المعاني، وهو صحة التصرفات، ولقد كان الأمن أول دعوة دعا بها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام:

*»رَبِّ اجعل هذا بلدًا آمنًا وارزق أهله من الثمرات»* (البقرة).

فلقد قدّم الأمن على الرزق، فهو الأمن الشامل الذي يحفظ الأنفس والأبدان، وهو معنى من معاني الإيمان. وما الوعي الفكري إلا القدرة على التفكير والتحليل بشكل عميق ومنطقي لكل ما يُطرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي من مفاهيم مغلوطة وأحداث مفبركة، حتى نحقق لمجتمعنا وأفراده السكينة والاستقرار النفسي، واختفاء مشاعر الخوف من النفس البشرية على مستوى الفرد والجماعة.

فالأمن الفكري في صيانة العقول لأبناء المجتمع ضد أي انحرافات، أياً كان نوعها، فالأمن مسؤولية الجميع.

تصميم و تطوير