زراعة القوقعة تبعث الأمل في قلوب الأطفال: عائشة تسمع من جديد بعد ست سنوات من الصمت

{title}
أخبار دقيقة -

في مشهد مؤثر اختلط فيه العلم بالرحمة، استعادت الطفلة عائشة خالد المحمد قدرتها على سماع العالم من جديد، بعد ست سنوات من الصمت التام. عائشة، التي فقدت سمعها بسبب ارتفاع حرارة أصابتها في أيامها الأولى، التقطت أولى ذبذبات الصوت بعد عملية زراعة قوقعة أُجريت لها مؤخرًا، ضمن مشروع إنساني كبير احتضنه مستشفى الشهيد محمود الهمشري في صيدا.

تلك اللحظة التي ارتجف فيها قلب جدتها فرحًا كانت بداية مرحلة جديدة، إذ ساهمت جمعية "من حقي أسمع"، بالتعاون مع الإغاثة الإسلامية الأميركية، في إجراء عمليات زراعة قوقعة لـ40 طفلًا من لبنان وسوريا وفلسطين، على مدى ثلاثة أيام مكثّفة في أيار الماضي.

وفي خطوة لاحقة، توافد الأطفال مجددًا إلى المستشفى لتركيب المعالجات الصوتية الخارجية، بإشراف فِرَق متخصصة من مؤسستي Med-El وHearLife العالميتين، وبالشراكة مع الطواقم المحلية. وتمّت معايرة الأجهزة بدقة لتناسب كل حالة، تمهيدًا لانطلاق الأطفال في رحلة التأهيل السمعي والنطقي.

مدير عام مستشفى الهمشري الدكتور رياض أبو العينين وصف المشروع بأنه "أكثر من عملية جراحية، بل معركة ضد العجز والصمت"، مؤكدًا أن الجهود الإنسانية والتقنية اجتمعت لتمكين هؤلاء الأطفال من الاندماج في المجتمع.

وأضاف أن البروفيسور حسن دياب، أجرى مع فريقه 40 عملية خلال 48 ساعة فقط، في إنجاز طبي وإنساني استثنائي، بينما أكد الدكتور محمد الميعاري، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، أن لحظة تشغيل الجهاز الخارجي تظل من أكثر اللحظات تأثيرًا في حياة الطفل وعائلته، لما تحمله من رمزية في استعادة حاسة السمع.

من جهته، أوضح خليل محمد عينا، ممثل مؤسسة "من حقي أسمع" في لبنان، أن المشروع لا يتوقف عند الزراعة، بل يشمل أيضًا إنشاء مركز متخصص للنطق والسمع داخل المستشفى لمواكبة الأطفال وتأهيلهم لغويًا ونفسيًا واجتماعيًا.

وأشار إلى أن أكثر من 700 طفل استفادوا من عمليات الزراعة منذ تأسيس المؤسسة عام 2020، في دول عديدة أبرزها فلسطين ولبنان وسوريا والأردن ومصر والسعودية، مع توجه قريب لدعم الأطفال في اليمن أيضًا.

زراعة القوقعة، كما يؤكد القائمون على المشروع، ليست مجرد تدخل طبي، بل "وعد بالحياة والانتماء". جهاز صغير خلف الأذن، لكنه يفتح نوافذ واسعة على صوت الأم، وضحكة الأب، وأصوات الأصدقاء، ومقاعد الدراسة. عائشة تسمع اليوم، وغدًا ستنطق. والجدة ما زالت تبكي… ولكن من الفرح.

تصميم و تطوير