الفرجات يكتب: 'حقل الريشة الغازي: فرصة لتسديد ديون شركة الكهرباء الوطنية وتعزيز الاستقلال الطاقي'

كتب أ.د. محمد الفرجات - تواجه شركة الكهرباء الوطنية في الأردن تحديات مالية مستمرة بسبب تراكم الديون الناتج عن ارتفاع كلفة استيراد الوقود وتقديم الدعم الحكومي لتغطية فرق الأسعار. في ظل هذه التحديات، يمكن لحقل الغاز المكتشف في منطقة الريشة أن يُشكل حلاً مبتكراً يُساعد الشركة على سداد ديونها واستعادة التوازن المالي، مع تعزيز استغلال الموارد الطبيعية المحلية.

الفكرة المقترحة:

تعتمد الفكرة على منح شركة الكهرباء الوطنية حق الامتياز لتطوير وتشغيل بئر إنتاجي (واحد مثلا) في حقل الريشة الغازي لفترة زمنية محددة، مقابل تحملها كافة تكاليف الحفر، الإنتاج، والتشغيل. يتم استثمار الغاز المنتج من هذا البئر سواءً لتوليد الطاقة محليًا أو للبيع في الأسواق المحلية والدولية. الهدف من ذلك هو تمكين الشركة من تحقيق أرباح تُخصص لتسديد ديونها المتراكمة، مع السماح لها بهامش ربحي معقول.

تفاصيل الفكرة:

1. منح الامتياز:

يتم توقيع اتفاقية بين الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية تمنح الأخيرة حق حفر وتشغيل بئر إنتاجي في حقل الريشة لفترة محددة (10-15 سنة).

الاتفاق يتضمن شروطًا واضحة تضمن التزام الشركة بمعايير التشغيل والكفاءة.

2. التمويل الذاتي:

تتحمل شركة الكهرباء كافة التكاليف المرتبطة بالحفر والتشغيل، مما يخفف العبء المالي عن الحكومة.

تُمول الشركة التكاليف عبر قروض أو شراكات استثمارية، مع توقع استردادها من إيرادات الغاز.

3. استخدام الإيرادات:

يتم تخصيص الإيرادات الناتجة من بيع الغاز لتسديد ديون الشركة وفق جدول زمني متفق عليه.

بعد تسديد الديون، يُمكن للشركة توجيه الإيرادات لدعم مشاريع تطوير الشبكة الكهربائية والبنية التحتية.

4. التسعير والرقابة:

تُحدد أسعار الغاز المنتج بشكل عادل يضمن تنافسية المنتج في السوق المحلية والدولية.

تُنشئ الحكومة لجنة رقابة مشتركة لمتابعة الإنتاج وضمان التزام الشركة بمعايير الشفافية والجودة.

الفوائد المتوقعة:

1. تقليل كلفة استيراد الغاز:

الاستفادة من الغاز المحلي سيقلل الاعتماد على الغاز المستورد، مما يُخفف العبء المالي على الشركة والحكومة.

2. تسديد ديون الشركة:

إيرادات الغاز ستُستخدم لسداد ديون الشركة تدريجيًا، مما يُحسن من وضعها المالي ويُعزز استدامتها.

3. تعزيز الاستقلال الطاقي:

الاستثمار في الغاز المحلي يعزز استقلالية الأردن في مجال الطاقة ويزيد من مرونته الاقتصادية.

4. تحفيز الاستثمار:

نجاح المشروع قد يُشجع شركات أخرى على الاستثمار في تطوير موارد الطاقة المحلية.

التحديات المحتملة وكيفية معالجتها:

1. عدم كفاية الاحتياطيات:

تُجرى دراسات دقيقة لتقييم حجم الاحتياطيات قبل منح الامتياز، لضمان جدوى المشروع.

2. المخاطر البيئية:

يتم إلزام الشركة باتباع معايير صارمة لحماية البيئة وتقليل الانبعاثات.

3. إدارة الأرباح:

تُنشأ آلية رقابية لضمان تخصيص الإيرادات لتسديد الديون وعدم استخدامها في مجالات غير مجدية.

يُعد حقل الريشة فرصة ذهبية يمكن استغلالها لتحقيق أهداف اقتصادية ومالية متعددة. إذا تم منح شركة الكهرباء الوطنية حق الامتياز لتطوير وتشغيل بئر إنتاجي واحد، مع ضمان آليات رقابة شفافة وشروط تشغيل واضحة، فإن ذلك سيساهم في تخفيف أزمتها المالية وتعزيز أمن الطاقة الوطني. إن نجاح هذه الفكرة لا يتطلب سوى إرادة سياسية وشراكة فاعلة بين الحكومة والقطاع العام لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة بالأردن.