قرار حكومي راشد
أكثر ما يستدعي التروي وتعميق الدراسة والبحث من جهة الحكومة، عند تغيير أو إلغاء تشريع أو قانون أو قرار ما، أو تطويره أو اعتماده أو إلغائه، هو مبرر هذا الإجراء، وحين نتحدث عن تطوير القطاع العام فثمة ألف مبرر، ساقتها الحكومات وأجندة تطوير القطاع العام، وهذه كما أسلفنا ضرورات تقتضيها دينامية الحياة والتفاعل البشري، لكن هل ظروف التغيير كانت مناسبة؟ وهل نالت كل تلك التغييرات الدراسة المعمقة وتم «الاستبصار» بآثارها على الدولة والمجتمع؟.. قرار الحكومة أمس الأول، مثلا، دليل على عدم دراسة آثار ذلك البند في نظام الموارد البشرية، فهل هذا يعني أن النظام أصبح مثاليا، وقبل هذا وذاك.. هل الظروف العامة هي فعلا مناسبة لإجراء تغييرات في مثل هذه الأنظمة المتعلقة بحياة ومعيشة الناس؟
حين تكون توجهات الدولة التي عبر عنها جلالة الملك ودفع بها إلى حيز الوجود، تهدف إلى تحسين أداء منظومة كبيرة من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأردنية، فهذا توجه دولة تريد أن تمضي لبناء مستقبل أفضل، ولا غبار على مثل هذه التوجهات في مثل هذه الظروف، لكن المشكلة في التطبيق كما نرى، ولتتحملني كل العقليات التي تتحمس بسرعة كبيرة وتبدأ بالتنفيذ، لتحقيق توجه دولة مدعوم بتوجيه بل بجهد ملكي، فالحماس الزائد هو الذي يجلب الأخطاء، والتمترس خلف الرأي الرسمي هو الذي يسبب كثيرًا من الأزمات وتعطيل التطوير والتغيير، بل وإيقاف عجلته عن الدوران، بسبب الاستعصاءات التي نجمت عن الاجتهادات الخاطئة والقرارات التي لم تنل حقها من الدراسة.
القرار الحكومي الأخير؛ شعبي؛ ومرن؛ وفيه التزام مع الناس ومع العدالة، وأعتقد أن هناك بنودا أخرى في النظام نفسه، وفي قوانين أخرى جرى اعتمادها والعمل بها، كقانون السير مثلا، فأثره والتغذية الراجعة حوله تفيد بأن هناك أكثر من «نقطة عمياء» فيه، لا تراعي لا ظروف ولا معيشة ولا حق اعتراض للمتظلمين الذين يرفعون صوتهم كل يوم، حول عدم صواب بعض المخالفات، وعدم منطقية قيمة الغرامات لمخالفات أخرى، وسبب «كثرة» هذه الأخطاء، وتعذر بل قل استحالة تصويبها والتراجع عنها.
هذه مجالات حياة دولة وليست مجرد آثار على معيشة مواطنين، وتستدعي التوازن حال تنفيذها وتطبيقها على الناس.