حسين الراشدة : ‏صحيح، الأردنيون ينتقدون لكنهم لا ينتقمون

{title}
أخبار دقيقة -

افهم ، تماما، أن يكون لدينا معارضة وطنية تنتقد الأداء العام ، وتشير إلى الأخطاء ، كما يفترض أن تشير إلى الإنجازات ، افهم ،أيضا ، أن يكون للدولة رجالات حقيقيون، يؤمنون بها ، ويدافعون عن أمنها ومبادئها ومصالحها العليا ، افهم ، ثالثا ، أن يمارس نظامنا السياسي مبدأ السماحة مع الذين ضلت أقدامهم طريق الاستقامة الوطنية، وقد يتبؤون أعلى المناصب .

  لكن ما لا أفهمه هو أن تتحول المعارضة من دائرة الانتقاد إلى الانتقام ، ومن إطار التزام الدولة ومصالحها إلى إطار يتجاوزها، ويحاول إضعافها، ثم أن تختفي رجالات الدولة مع كل أزمة يواجهها بلدنا ، وأن يتم استثناء مساند الدولة الحقيقيين أو استبعادهم ، فيما تفتح الأبواب لبعض الذين صرخوا في وجه الدولة ،وربما كفروا بها ايضاً.   ‏تحت عنوان "منعة الدولة وازدهارها "، بعد مرور 25 عاما على عهد المملكة الرابعة ، وبالتزامن مع ما كشفته الحرب على غزة من خبايا ، وما افرزته من مواقف عكست صورة الداخل الأردني، بما فيه من إيجابيات وسلبيات ، ثم مع اقتراب استحقاق المرحلة الأولى من التحديث السياسي من خلال الانتخابات البرلمانية. صار من الواجب على إدارات الدولة و"الجماعة الوطنية" الممثلة للمجتمع أن يتوافقوا على ترسيم حدود جديدة ، أو بوصله وطنية ،لحركة الدولة والفاعلين فيها. في إطار تعريف المصالح العليا للدولة ، وأدوار وواجبات المعارضة ، ومفاهيم الولاء والانتماء ، والمواطنة والوطنية.   ‏كل ذلك لابد أن يتم في سياق معادلات واضحة ،تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وتغلق المنافذ أمام أي تجاوز أو تقصير قد يتسلل من تحت "عباءة" تراكمات الوضع الماضي والقائم ، بما احتشد به من استغلال لاسترخاء الدولة ، أو من سوء فهم البعض وتقديرهم لسماحة النظام السياسي، أو استفرادهم بتوزيع الغنائم، وفرض الوصيات ، على حساب الأداء العام والمصالح العامة .   ‏بصراحة أكثر ، لا يملك الأردن ،في هذه اللحظة التاريخية ، ترف إضاعه "فرصة "نجاح مشروع الملك والدولة ، قلت : الملك ، لأنني أؤمن ،تماما، أن سر بقاء الأردن واستقراره وازدهاره مرتبط بالضرورة بالحفاظ على العرش ، وتعزيز الولاء له، والحفاظ على قيمته وهيبته ، والنأي به عن أي اختلافات مع الإدارات والقرارات ، قلت : الدولة ،أيضا ، بكل مؤسساتها الوطنية ودستورها وأركانها ، لأنها تشكل الحصن المنيع للأردنيين ، والقواعد الأساسية التي يستندون إليها، والتي تشكل الإطار العام لحركتهم واعتزازهم وثقتهم ببلدهم وإنجازاته.   ‏صحيح ، لدينا مشكلة في تأطير حركة المعارضة وعلاقتها مع الدولة ، وربما الوطن ، صحيح ،أيضا، لدينا مشكلة مع بعض أعضاء الطبقة السياسية التي تقاسمت الغنائم، وانكفأت على نفسها ومصالحها، صحيح لدينا مشكلة مع بعض الذين نزلوا بالبرشوت على المواقع العامة ، وهم ليسوا أهلا لها، صحيح لدينا مشكلة مع تغييب الكفاءات الوطنية، لاسيما الشباب ، ومع (الأنصاف ) الذين تسيدوا المشهد العام، كما أن لدينا قضايا معلقة لم تحسم، كالهوية والمواطنة والعدالة في توزيع المكاسب ، ناهيك عن شبح البطالة والفقر ، والتراجع في قطاعات التعليم والخدمات والإدارة العامة.   ‏كل هذا يمكن إصلاحه وتجاوز ما أنتجه من فجوة ثقة بين الأردنيين ومؤسساتهم، لكن بشرط أن نبدأ على الفور ، بإرادة وعزيمة قوية ‏، للتوافق على عنوان واحد وهو (الدولة الأردنية) كهدف مشترك نؤمن به ، ونضحي من أجله ، ولا نسمح لأحد أن يتجاوزه تحت أي ذريعة، الإيمان بالدولة وأركانها التي تأسست عليها منذ اكثر من 100 عام هو المنطلق الوحيد لصهر الأردنيين في دائرة العمل والانتماء ، والولاء والتضحيه والإخلاص ، والأهم دائرة القانون الذي يلتزم به ويحترمه الجميع .
تصميم و تطوير