تعزيز الأمن الفكري

{title}
أخبار دقيقة - كتب ـ م. هاشم نايل المجالي 
لقد دأبت الحكومة ممثلة بوزاراتها المختلفة لتأسيس مراكز ثقافية وشبابية ومجتمعية وغيرها في جميع المحافظات، وأولتها كثيرًا من المهام والواجبات المناطَة بها لتوعية الشباب وتثقيفهم وإرشادهم من أي تأثير فكري سلبي يعمل على انحرافهم عن مسارهم الوطني.
فالإنسان يحتاج إلى الأمن في الفكر والتفكير والتعبير كحاجته للأمن في الغذاء والمسكن، فيُخرج مكنونات صدره وما يخطر في ذهنه، مما يمكّن المعنيين في هذه المراكز من تعزيز المهارات وصقل الأفكار وتهذيبها، حيث يعد الحوار والنقاش الهادف من أرقى أدوات بناء الأمن الفكري وتعزيزه، فمن حقوق الإنسان التعريف بحق الأمن المجتمعي بأنواعه المختلفة، فالأمن والطمأنينة من الغايات النبيلة التي يحرص عليها ديننا الحنيف وولاؤنا وانتماؤنا للوطن، وتوعية هذا الجيل الشبابي وتعزيز انتمائه هو تحقيق صلاح لجميع جوانب الحياة ونمو وازدهار للمجتمع، حيث إن الانحراف الفكري هو فساد للحياة وإفساد للمجتمع من كافة جوانبه، والأخلاق المستمدة من الدين والقيم المجتمعية السليمة والصحيحة تنظّم سلوك الفرد والجماعة وتنمّي الضمير الفردي والجماعي.
ولكن المدنية المتغيرة والمتقلبة بتسارع كبير بما فيها من متغيرات فكرية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وما يحتويه من انحرافات وأفكار سلبية تؤثر في النمو الديني والأخلاقي للناس وتسبب لهم الاضطرابات والقلق، لذا كان لا بد من معالجة تأثيراتها، حيث من أنسب الأساليب المتبعة لتحقيق الأمن الفكري بأنواعه أسلوب الحوار في هذه المراكز الثقافية والشبابية والمجتمعية، فهو أسلوب مخاطبة العقل لتقديم نموذج راقٍ للحوار من قبل القائمين على هذه المراكز والمؤهلين والمدربين حسن التدريب، ويمتلكون القدرة على إقناع السامع والتأثير عليه وكسب تأييده وثقته.
فالحوار والنقاش الهادف فن من فنون الكلام، وصيغة من صيغ التواصل، وأسلوب من أساليب العلم والمعرفة، وطريقة للتفاهم وتقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف، وللبحث في كافة المشاكل المجتمعية العالقة أو القضايا التي بها خلاف بين المتحاورين بهدف تعديل الأفكار غير الصحيحة أو إزالة التناقض وإقناع العقل بالأفكار السليمة، حيث تُقدَّم الأدلة التي توضّح كل شيء وتؤيّد الرأي فهو هداية نحو الحق. فعلى القائمين على هذه المراكز الرحمة بالخلق والحرص على إرشادهم، واللين مع المخاطبين، وفهم طبيعة المخاطَب بعيدًا عن التجريح والألفاظ النابية، وحسن الاستماع للطرف الآخر.
فالحوار مسألة تبادل للآراء مع إخلاص النية بالتدرج في مناقشة المسائل حسب أهميتها وأولوياتها، وعدم التسرع في الإقناع حتى لا تُجرح مشاعر الآخرين. حيث لا بد من الحفاظ على وحدة المواضيع والهدف، والاتفاق على المسلّمات، ودقة الوثائق، وعدم التناقض في الكلام، فالاحترام المتبادل هو سيد الموقف، وعدم المقاطعة، والمصداقية في الحوار، فالأمن الفكري والثقافي والمجتمعي هو مقياس التزام الأفراد بوطنيتهم وهويتهم وفي التعبير، مما يحفظ سلامتهم الفكرية والاجتماعية والدينية والسياسية، ويُبعدهم عن مواطن التهديد.
تصميم و تطوير