غـيـــر الـمـسـبــوق

{title}
أخبار دقيقة - كتب ـ لارا علي العتوم 
 شهدنا جلسة الأمم المتحدة غير المسبوقة بكلمات انضمّت بأهميتها للكلمة الروسية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية منذ عام 1988. أكثر من 140 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية كفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا والبرتغال وأندورا وسان مارينو وغيرهم العديد، إلا أن هذا الاعتراف غير المسبوق لا يشبه الاعتراف الروسي الحقيقي بالدولة الفلسطينية، فاعتراف 140 دولة لم يوضح حدود الدولة المُعترف بها بل ركز على ما يستوجب على السلطة الفلسطينية القيام به، وهو ما وعد بتنفيذه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته، الكلمة التي تكاد أن تكون الوحيدة - بالطبع مع الجانب العربي - التي أدانت الأفعال الإسرائيلية. اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية ألحقه الرئيس الفرنسي بوعد افتتاح السفارة الفلسطينية في فرنسا مشروطا بإطلاق جميع الرهائن كأنهم في سجون السلطة الفلسطينية.
جاءت جلسة الأمم المتحدة قبل بضع ساعات من مقابلة تلفزيونية غير مسبوقة مع المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط السيد توم باراك، صرح فيها بأن فكرة السلام في الشرق الأوسط وهم وأنه لا سلام فعلي أبدا، ووصف جلسة الأمم المتحدة التي يعتبرها الوطن العربي غير مسبوقة وتاريخية بحقيقتها بأنها تنصب في جعبة نجاح المساعي العربية لانتزاع الحق الفلسطيني، بأنها جميلة لكنها عديمة الفائدة. وبغض النظر عن الرأي العام العربي بالمقابلة إلا أن الحقيقة الثابتة تكمن في أن لو كل طرف اعتبر السلام وهما، فهذا يعني الجمود وهو المراد إسرائيليا، ليتوفر لها الوقت الكافي لتكملة أهدافها المرتكزة على إراقة الدم العربي، فمن البديهي أن إراقة الدماء سهلا والسلام دائما صعب.
إن جزءا من كلام السيد توم باراك في المقابلة التلفزيونية يعكس واقعا قاسيا وهو التمسك الأمريكي بالعدوان الإسرائيلي على البلاد العربية ناسيا سيادة الدول واحتكارها فقط على إسرائيل مُسقطا الحق الفلسطيني، مُسقطا بذلك أن التغيير ممكن، وقد يكون قد كان صريحا بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يتعدى سقف الأمم المتحدة وسيحافظ حل الدولتين على نفسه كحبر على ورق، فالاتفاقيات غالبا ما تكون جزئية ومؤقتة.
إن تحقيق الاستقرار يتطلب أكثر من توقيع أو تفاوض، فهو يحتاج إرادة سياسية واستدامة ومعالجة جذور النزاع، وضمانات تنفيذية تماما كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين في كلمته في جلسة الأمم المتحدة التي شد على أيدي الحاضرين ليكون اعترافا غير منقوص، وأن الجهود ولو كانت صغيرة فقد تثمر، وأن الأمل والحوار مهمان رغم الصعوبات والتحديات. جلالته أوضح أهمية العمل الجاد لتحقيق الاعتراف الحقيقي بالدولة الفلسطينية وعدم الاكتفاء بقوة رمزيتها مذكرا بتاريخ المطالبة بهذا الاعتراف الذي شهد عليه حائط الأمم المتحدة.
كلمة جلالته أعادتنا للتمني في ماذا لو استمع المجتمع الدولي لكلمات جلالة الملك بإصغاء منذ زمن طويل جدا، لكان العديد مما حصل ما كان حصل، وما كان عدد الشهداء والجرحى في قطاع غزة يوازي عدد سكان بلد صغير.
حمى الله أمتنا.
حمى الله الأردن.
تصميم و تطوير