استقالات جماعية تهز حكومة تصريف الأعمال الهولندية بسبب الموقف من "إسرائيل"
شهدت حكومة تصريف الأعمال الهولندية مساء الجمعة أزمة سياسية حادة، عقب استقالة تسعة وزراء من حزب "العقد الاجتماعي الجديد" (NSC)، احتجاجًا على رفض الحكومة فرض عقوبات إضافية ضد الاحتلال الإسرائيلي على خلفية عدوانه على قطاع غزة وتسارع سياساته الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وكان وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب أول المستقيلين، مؤكدًا أنه فقد الثقة في قدرته على مواصلة مهامه بعد مواجهته رفضًا متكررًا داخل مجلس الوزراء لمقترحاته المتعلقة بفرض "إجراءات ذات أهمية" ضد إسرائيل. وقال فيلدكامب، وهو سفير سابق في "تل أبيب": "أنا أيضًا أرى ما يحدث على الأرض في غزة، وما يحدث في الضفة الغربية، وقرار بناء المستوطنات، وفي القدس الشرقية".
انسحاب متسلسل
تبع استقالة فيلدكامب مباشرة وزير الشؤون الاجتماعية ونائب رئيس الوزراء إيدي فان هيوم، ثم انسحب باقي وزراء الحزب، بينهم وزيرة الداخلية جوديث أوترمارك، وزيرة التعليم إيبو بروينز، وزيرة الصحة دانييل يانسن، وزيرة الدولة للتجارة الخارجية هانِكه بورما، وأربعة وزراء دولة آخرون، ليصل العدد إلى تسعة وزراء.
وقال فان هيوم إن الخلاف حول الموقف من إسرائيل كان السبب المباشر في الانسحاب من الائتلاف الحاكم، مضيفًا: "باختصار، لقد سئمنا الأمر.. فيلدكامب كان يلحّ على مزيد من الإجراءات ضد الحكومة الإسرائيلية، لكن المكابح كانت تُستخدم باستمرار".
وأكدت زعيمة الحزب نيكولين فان فرونهوفن أن الحزب وجّه رسائل متكررة للحكومة لتحسين موقفها من الملف الفلسطيني، لكنها لم تجد صدى، ما دفع لاتخاذ خطوة الاستقالة.
ضغوط أوروبية وإعلان المجاعة
تأتي الاستقالات في وقت تتزايد فيه الضغوط الأوروبية على إسرائيل، حيث انضمت هولندا إلى 21 دولة أوروبية أدانت مشروعًا استيطانيًا كبيرًا في الضفة الغربية، واعتبرته "انتهاكًا للقانون الدولي".
كما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة رسميًا حالة المجاعة في قطاع غزة، محمّلة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن الكارثة الإنسانية، مؤكدة أن أكثر من نصف مليون فلسطيني يواجهون "الجوع الكارثي".
وكان فيلدكامب قد اتخذ بالفعل بعض الخطوات قبل استقالته، أبرزها إلغاء ثلاثة تصاريح تصدير لمكونات بحرية متجهة إلى إسرائيل، وحظر دخول الوزيرين الإسرائيليين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى هولندا، بسبب تحريضهما المتكرر على العنف ضد الفلسطينيين.
فقدان الأغلبية البرلمانية
بخروج حزب NSC، باتت الحكومة الهولندية تضم فقط حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" (VVD) الليبرالي، و**"حركة الفلاحين المواطنين" (BBB)** الشعبوية، ما أفقدها الأغلبية البرلمانية لتتراجع إلى 31 مقعدًا من أصل 150.
وأعرب رئيس الوزراء ديك شوف عن "أسفه الشديد" لهذه التطورات، معلنًا إلغاء زيارة كانت مقررة إلى كييف للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. فيما اعتبر حزب BBB أن الانسحاب ترك البلاد "بلا دفة قيادة".
أزمة سياسية متجددة
تأتي الأزمة الحالية بعد أقل من عام على انهيار الحكومة السابقة في يونيو 2024 إثر انسحاب حزب اليمين المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز بسبب خلافات حول سياسات الهجرة. ومع الاستقالات الأخيرة، يزداد المشهد السياسي تعقيدًا قبل الانتخابات المقررة في 29 أكتوبر المقبل.
إبادة مستمرة في غزة
منذ 7 أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل حربًا دموية على قطاع غزة بدعم أمريكي، أسفرت – بحسب مصادر فلسطينية ودولية – عن أكثر من 220 ألف شهيد وجريح معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وسط مجاعة أودت بحياة كثيرين، ودمار شبه كامل لمعظم مدن ومناطق القطاع.






