تحقيق بريطاني يكشف انحياز "رويترز" لإسرائيل وفرض قيود على تغطية أحداث غزة
كشف تحقيق صحفي بريطاني أن وكالة الأنباء العالمية "رويترز" تفرض قيودًا تحريرية على صحفييها في تغطية الحرب على غزة، بما يعكس سياسة تحريرية منحازة لـ"إسرائيل"، ما أثار جدلًا واسعًا داخل المؤسسة الإعلامية وخارجها.
وبحسب ما نشره موقع /ديكلاسيفايد يو كيه/ الاستقصائي، الجمعة، نقلاً عن موظفين في "رويترز" فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم، فإن الإدارة التحريرية تمارس توجهًا يحدّ من موضوعية التغطية الإخبارية للمجازر الإسرائيلية في القطاع.
ومن أبرز الأمثلة التي أوردها التحقيق، نشر الوكالة خبر اغتيال الصحفي الفلسطيني أنس الشريف بعنوان: "إسرائيل تقتل صحفياً في قناة الجزيرة تزعم أنه قيادي في حماس"، وهو ما أثار موجة استياء واسعة، خاصة أن الشريف عمل سابقًا في "رويترز" وكان ضمن فريقها الفائز بجائزة بوليتزر 2024.
مراجعة داخلية ورسالة مفتوحة
التحقيق أظهر أن "رويترز" نشرت خلال الفترة بين 7 أكتوبر و14 نوفمبر 2023 نحو 499 تقريرًا تحت وسم (#إسرائيل_فلسطين)، تركزت غالبيتها على القضايا الإسرائيلية أكثر من الفلسطينية.
هذه السياسة دفعت صحفيين في الوكالة إلى صياغة رسالة داخلية مفتوحة، عبّروا فيها عن قلقهم من غياب الموضوعية في تغطية الهجمات الإسرائيلية، مشيرين إلى حظر استخدام كلمة "فلسطين" في تقارير الوكالة، بدعوى أن بعض الدول الغربية لا تعترف بها كدولة.
كما تساءل الصحفيون عن سبب تجاهل الوكالة للتقارير المتعلقة بمزاعم ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، في وقت منحت فيه مساحة أوسع لتغطية مزاعم مشابهة ضد روسيا في أوكرانيا.
رد رسمي وتعديلات شكلية
في مواجهة الانتقادات، بعث هوارد س. غولر، محرر الجودة والأسلوب في "رويترز"، رسالة داخلية بعنوان: "تحديث أسلوب رويترز حول الصراع في الشرق الأوسط"، سمح فيها باستخدام مصطلح "إبادة جماعية" ضمن التغطية، لكنه أبقى القيود المفروضة على استخدام كلمة "فلسطين".
ورغم هذا التحديث، أظهر تحليل "ديكلاسيفايد" أن الوكالة استخدمت مصطلح "إبادة جماعية" في 14 تقريرًا فقط من أصل 300 بين 21 يونيو و7 أغسطس 2024، وجميعها أُرفقت بعبارة: "إسرائيل تنكر هذا الادعاء".
انتقادات واتهامات بـ"إنكار الإبادة"
الباحثة المتخصصة في تاريخ الشرق الأوسط عسل راد اعتبرت أن هذا النهج يمثل "إنكارًا للإبادة الجماعية"، مؤكدة أن "رويترز" تصوّر الفظائع الإسرائيلية في غزة على أنها "حملة عسكرية" لا إبادة، على عكس ما يجمع عليه خبراء حقوق الإنسان.
وفي السياق ذاته، انتقد مسؤولون وخبراء أمميون سابقون تغطية الإعلام الغربي للحرب، معتبرين أنها تساهم في "إخفاء الحقائق وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وحماية إسرائيل من المساءلة الدولية".
إبادة جماعية مستمرة
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا دموية على قطاع غزة، أسفرت – وفق مصادر محلية ودولية – عن أكثر من 220 ألف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة الكثيرين، وسط دمار واسع طال معظم مدن ومناطق القطاع.






