مدفع رمضان منارة تضيء ليالي الشهر المبارك ورمزًا للفرحة ونافذة مفتوحة على تاريخ الأردن

{title}
أخبار دقيقة -
دقيقة أخبار- فايز الشاقلدي 
 حين يُعلن شهر رمضان عن قدومه، يختلط السكون بروائح البخور، ويُجسد مدفع الإفطار بوقًا من الزمان والمكان، يعلن عن لحظة الإفطار، حيث تتناغم قذائفه مع آذان المغرب وتبتهج قلوب الصائمين.
هذا المدفع، الذي يعزف لحنًا من الذكريات والأحداث، ليس مجرد أداة صوتية بحتة، بل هو جزء من هوية رمضانية يتجدد مع مرور الأجيال، وفي كل عام، يحتفظ المدفع بمكانته الخاصة، وكأنه رفيق زمني قديم لا يتخلى عن مهمته التي ابتدأها منذ مئات السنين.
 في قلب العاصمة عمان ، تجتمع الطقوس والذكريات حول مدفع رمضان الذي يعد جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم.
 ثبتت أمانة عمان الكبرى قبل أيام المدفع في "ساحة النخيل" بمنطقة وسط البلد بالعاصمة عمّان، لإعلان دخول وقت الإفطار.
ويعود استخدام مدفع الإفطار إلى تأسيس إمارة شرق الأردن في عشرينيات القرن الماضي، ثم انتشر في مدن عمّان وإربد وعجلون والكرك، لكنه توقف لعقود قبل أن يعود عام 2019.
والوثائق المتعلقة بمدفع رمضان في الأردن قليلة، وأقدمها تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 1938 في دائرة المكتبة الوطنية (حكومية).
وتشير تلك الوثيقة إلى مخاطبة من رئيس بلدية مدينة عمّان إلى رئيس الوزراء آنذاك توفيق أبو الهدى، تحت عنوان "طلقات مدفع شهر رمضان"، حيث طلب منه إصدار أوامره إلى قائد الجيش لتزويد مدفع "بلدية عمّان" بملابس بالية بغية استخدامها بعملية حشو المدفع.
ومنذ عام 2019، قررت أمانة (بلدية) عمّان الكبرى إطلاق مدفع رمضان من "ساحة النخيل" طوال أيام الشهر الفضيل، بالتعاون مع الجيش الأردني، إحياءً لهذا الموروث واستحضارا لذاكرة المدينة.
ويستخدم مدفع رمضان لإعلان موعد الإفطار للعامّة، وهو تقليد متّبع في العديد من الدول الإسلامية، بحيث يقوم جيش البلد بإطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس.
 تحول مدفع الإفطار من حادثة غير مقصودة إلى تقليد متأصل في الذاكرة الرمضانية الأردنية .
وقد ظل هذا المدفع ينطلق عبر السنين، ليس فقط كإشارة إلى موعد الإفطار، بل كأيقونة من أيقونات رمضان التي تجلب البهجة والفرحة لكل بيت، وترتبط بمشاعر خاصة تجمع بين الأجيال، الذين يحيون هذا التقليد بكل حب.
وبين طقوس رمضان التي لا تتغير، يبقى مدفع الإفطار في مكانه بين التراث والمستقبل، وكأنه يروي حكاية وسط البلد وعمان عبر الزمان، بل حكاية الأردن بأسرها في لحظة يتجدد فيها الفرح مع كل انطلاقة للمدفع.
ليظل مدفع رمضان منارة تضيء ليالي الشهر المبارك، رمزًا للفرحة، ونافذة مفتوحة على تاريخ طويل من العادات التي تحمل في طياتها لمسة من الأساطير والتقاليد التي أضحت جزءًا من هوية الأردنيين.
تصميم و تطوير