التشوه البصري للرؤيا السياسية..”مكيافيلي” الحاضر الغائب.. وتسريحة “باربي”!

{title}
أخبار دقيقة - كتب - عدنان نصار 

من أبسط قواعد الإنسانية ، وأكثرها قداسة عند حدوث كوارث او مصائب لقوم او شخص ما ، أن نتأدب في حضرة الجرح، ونحني الرأس قليلا في حضرة البكاء ، وهي قواعد تنسحب على تفاصيل يومياتنا ، وتجاربنا وانتصاراتنا وهزائمنا في كل مفاصل الحياة ..وهي بذات الوقت فرصة لإعادة تشكيل مواقفنا وتصحيح المسار في إطار المكاشفة والمصارحة بعيدا عن مسار المحاصصة في التنظير ، لكي يثبت طرف ما انه على حق ، وأنه نبه مسبقا لأي حدث مفترض.

التشوه البصري ، الذي لحق بالرؤيا السياسية الدولية، وما رافق ذلك من تشوهات سمعية لحقت بدول عظمى وكبيرة عسكريا ، لكنها في الواقع صغيرة اخلاقيا، وينسحب عليها القول الموروث: "ان لم تستحي فأصنع ما شئت” ..، تماما ثمة دول كبرى تعكس تترجم هذه المقولة ، ويبدو ان الموروث العالمي قد جاء بمثل هذه الأمثال خصيصا لدول كبرى، تسرح وتمرح هي وفيلها ودببها وأحصنتها، و”كلابها” في حقول العرب ، تأكل ، وتدمر ، وتصهل ، وتمارس العواء والنهش، عبر مشهد لا يمكن وصفه الا  بفقدان الحياء وغياب الأخلاق .!!

"نتنياهو وبن غفير وسموتريش، وساعر” الملتحق بهم وغيرهم من حيوانات الغاب، يتقنون ببراعة صناعة فقدان الحياء، والكذب ويستحقون بذلك "أوسمة” قد نمنحها اسم: "وسام الإنحطاط العالمي” تقديرا لدورهم في التعهير السياسي الدولي وحجم تأثير اللوبي الصهيوني على قرارات دول كبيرة في قوتها ، صغيرة في اخلاقها السياسية ..، وهي بالمناسية مجموعة دول كبيرة تتبع” دولة ” صغيرة أرسى قواعدها الثنائي "سايكس وبيكو” في اخطر قرارات استعمارية واجهت الأمة العربية ، منذ  معركة "خيبر” .!!

من طباعي التفاؤل ، حتى في أصعب اللحظات، ولا أرى في التشاؤم سوى الخسارة والفقد ..فقد كل ما هو جميل في مسار الحياة ، والفاصل بينهما أي التفاؤل والتشاؤم خيط رفيع لكنه متين ، كل ما هو مطلوب منا ان نمسك جيدا بقواعد اللعبة، ونمسك بقوة بطرف الخيط ، لنحركه في الإتجاه الذي نريد ..، ونحاصر انفسنا كشعب عربي يجمعنا حلم واحد ..، نحاصر اتفسنا بالتفاؤل حتى وان كان من صنف التفاؤل المفرط ، في اصعب اللحظات التي تمر بها الأمة (الجغرافيا العربية والشعب العربي والتاريخ والهوية والقضية) ..كل ذلك يدفعنا الى التفاؤل وسط معمعة دولية تكالبت على احلامنا وتفاصيل يومياتنا.. دول عظمى تكالبت حتى على طائرات الورق التي يلهو بها الطفل العربي..،وتكالبو على "باربي” واستكثروا على الطفولة العربية ان تسرح شعر "باربي” او تحاكيها في منام آمن.!

لا جديد، فصوت هدير محركات المقاتلات ، وجأر عجلات حاملات الجند المرتزقة ، وصكصكة جنازير الميركافا هي التي تروي عطش المجرمين ..لا جديد ..لا يفل الحديد إلا الحديد ، ايضا هذا قول موروث، يعني الكثير ، في وقت وصل فيه التشوه البصري للرؤيا السياسية الدولية الى مرحلة عمى الألوان ..هل فعلا اصيب العالم الكبير بدولة الكبيرة بالعمى ..هل وصلت دول كبيرة "عظمى” الى :”ان لم تستحي فأصنع ماشئت”.؟!

هي أسئلة تدور في فلك الذهنية الشعبية العربية ، وهي تدرك تماما بذكاءها ان السياسة لم تعد فن الممكن عند تلك الدول ،بل تخطى الأمر عند ساستها ان يتبنوا القول الموروث كشعار سياسي :”ان لم تستحي فأصنع ما شئت”..! وبناء عليه ، كان لا بد من دخول نادي "الميكافيلليّة”  التي تعتقد بأن الأخلاق مضرّة بالسّياسة، وأنّ الالتزام الأخلاقيّ يعرقل النّجاح، وأنَّ الدّول التي تعتمد على الأخلاق سرعان ما تنهار…!” هذا ديدنهم ، وميدانهم.

كاتب وصحفي اردني..

تصميم و تطوير