لماذا تغيرنا
أخبار دقيقة -
منذ أن تركنا (صاج) الخبز وذهبنا باتجاه (صاج) الفلافل، ومنذ أن تحول حمص الرشوف إلى حمص مدمس عندها تغير كل شيء. مزاجنا تغير، أصبح اقل شيء يستفزنا، نظرتنا للحياة تغيرت، عاطفتنا تجاه الاشياء تغيرت، سيطرت علينا القيم المادية وغدت المصالح أهم محركاتنا. علينا أن نعترف ان تغير نمط الحياة وأدواتها وصعوباتها فرضت علينا تغيرا في كل شيء.
الجيل الجديد من الشابات والشباب تغيروا بحكم التربيه الجديدة لثقافة الإنترنت والموبايل. قيم وعادات جديدة تولد في مجتمعنا تحاكي بطريقة او اخرى قيم الغرب وأدواته الماديه والرأسمالية المجردة من العواطف. خطابنا تغير ولغة الحوار لحقها الكثير من التغيير، ابتعدنا عن نحن واقتربنا كثيرا من الأنا المجردة.
معارفنا وثقافتنا تغيرت من عمق العمق إلى سطح السطح، كتاباتنا تغيرت لتصبح اكثر اختصاراً وأقل كلمات. المجتمعات العربية الحديثة استجابت للتغيرات العالمية ومالت معها حيث مالت، تركت ارثا حضاريا عمره اربعة الاف عام بدأ من رحلة البحث عن الفضيلة والحق ليصل الى عوالم الابداع في العلم بكل أصنافها،تركنا كل ذلك خلف ظهورنا وتمسكنا بالقشور والمظاهر الزائفة التي تهدم ولا تبني مجتمعات. تقليد اعمى للغرب بكل أدواته القذره التي صدرها لنا فاستقبلناها وتبنيناها اكثر من أصحابها.
فقدنا قيمة الاسرة المعنوية، فانسحب الأمر على كامل المجتمع، فقدنا احترام الصغير للكبير كأحد مرتكزات التربية، فقدنا عطف الكبير على الصغير، فتاهت بوصلتنا وتهنا معها. ما احوجنا اليوم كمجتمعات عربية وكأردنيين إلى وقفة مع الذات، لنقف امام المرآة وننظر إلى أنفسنا كعرب وكأمه وكأردنيين، ونسأل انفسنا، لماذا ما عدنا نشبهنا، لم يعد العرب عربا ولا الامة أمّة. كل شعوب العالم تخلق من التراث المادي والمعنوي سلما تصعد به الى اعالي المجد باعتباره إرثا حضاريا شاهدا على تطور مجتمعاتها،إلا العرب يبيعون ارثهم بابخس الأثمان لصالح قيم وتجارب وعادات جديدة صُدّرت لنا معلبه، فأكلنا المقلب ولم نكلف انفسنا مراجعة تاريخ الصلاحيه.
نحتاج الى وقفة صادقة مع الذات، نتأمل الواقع المؤلم الذي نعيشه، من تشتت وضياع، ونأخذ قرارنا بأن نعيد القطار الى السكة، ثم نبدأ بمسيرة الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي،فهل نحن فاعلون ؟