جماعة عمان لحوارات المستقبل توجه نداء عاجلا للعالم تعري فيه جريمة إبادة فلسطينيي غزة بتدمير القطاع الصحي
أخبار دقيقة -
في مؤتمر صحفي لجماعة عمان لحوارات المستقبل بعد انهيار النظام الصحي في غزة وجهت جماعة عمان لحوارات المستقبل نداء إلى العالم قالت فيه أنه مع استمرار الأعمال العدائية، وتكشف الكارثة الإنسانية، وازدياد معاناة المدنيين والسكان الضعفاء، فإننا بصدد التزام أخلاقي تجاه إنسانيتنا بأن ندعو على الأقل إلى احترام حياة المدنيين في قطاع غزة, احترام الحق في الصحة, الالتزام بالقانون الدولي الإنساني لدعم الحد الأدنى من المعايير دائما, الوصول المستمر وعلى نطاق واسع إلى المساعدات الإنسانية والخدمات الصحية, تسهيل إيصال الإمدادات الصحية وغيرها من الإمدادات الإنسانية من خلال الممرات الإنسانية أو غيرها من الوسائل الممكنة, توفير الرعاية الصحية دون مخاطر لأي عامل في مجال الرعاية الصحية, توفير المياه النظيفة والغذاء والصرف الصحي والنظافة والمستلزمات المنزلية الأساسية والوقود لتمكين الخدمات المنقذة للحياة, إعادة تأهيل البنية التحتية المدنية بما في ذلك المياه وشبكات الصرف الصحي ومرافق الرعاية الصحية, إرسال المتطوعين وفرق الطوارئ الطبية والمهنيين الصحيين من جميع التخصصات لمساعدة السكان المتضررين, الاستجابة على أساس الحاجة الإنسانية المدمرة وإعطاء الأولوية للأشخاص الأكثر احتياجا للمساعدة, فلندعو جميعا إلى اتخاذ تدابير عاجلة للتمكين من إنقاذ أرواح الفلسطينيين الذين يعيشون المعاناة في قطاع غزة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته اليوم الجماعة لتقديم دراسة أعدها الفريق الصحي في الجماعة والذي يضم خبراء في مختلف المجالات الصحية حيث قدم الدكتور مهند عبد الفتاح النسور عرضاً للدراسة التي تضمنت الكثير من الأرقام والإحصائيات حول الأوضاع الصحية في قطاع غزة وجاء في الدراسة التي أعدتها الجماعة أن قطاع غزة يشهد أوضاعاً إنسانية منذ 75 عاماًوأخذت بالتدهور منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، عندما اندلعت الحرب من جديد. وقد كانت غزة تحت الحصار لأكثر من 15 عاماً حيث كان حوالي 80٪ من سكان القطاع يعتمدون في معيشتهم على المساعدات الدولية و 60٪ على المساعدات الغذائية. ويعيش في قطاع غزة، الذي يعتبر من أكثر الأماكن في العالم اكتظاظاً بالسكان، أكثر من مليوني شخص؛ بينهم ما يقرب من 60٪ تحت سن 25 و 50 ٪ تحت سن 18.
كما جاء في الدراسة أنه على مدى اربعة أسابيع، تعرض الآلاف للقتل بالإضافة إلى جرح آلاف آخرون ناهيك عن الحرمان من حقوقهم الإنسانية الأساسية، وهذا يشمل الأطفال والنساء وذوي الإعاقة وكبار السن.
قيود
كما أدى الحصار الكامل الذي تتعرض له غزة إلى تقييد مغادرة جميع الناس تقريباً للمنطقة ومنع الخدمات الأساسية عنهم بما في ذلك الرعاية الصحية. وقد أجبرت الهجمات المستمرة مئات الآلاف على ترك أماكن إقامتهم والعيش في ملاجئ مكتظة وغير مجهزة مثل المدارس والمساجد والكنائس في ظل الوصول المحدود إلى المياه والغذاء وخدمات النظافة والخدمات الصحية. كما تم إغلاق المعابر الحدودية ومنع أي أحد أو أي شيء من الدخول بما في ذلك الغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية. وقد نزح ما يقرب من مليون شخص رغم عدم توفر مأوى بديل. كما كانت عمليات الإجلاء مهددة للحياة ومستحيلة من الناحية اللوجستية بالنسبة للعديد من الأشخاص بمن فيهم المقيمون في المستشفيات باعتبارهم يعتمدون على أجهزة دعم الحياة أو يحتاجون إلى الرعاية الحثيثة.
الغذاء والماء والطاقة
أما بالنسبة للغذاء، فهناك مطحنة واحدة فقط تعمل ويأكل الناس الخبز المنتج من الدقيق الذي يتوقع نفاذه في غضون أسابيع قليلة. وفي واقع الحال، لا يستطيع الناس الوصول إلى الإمدادات الغذائية الأساسية ويقومون بتقنين تناول الغذاء المتاح إلى وجبة واحدة فقط في اليوم.
وقد تضررت البنية التحتية بشدة في غزة، بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي، حيث بلغت مستويات الطاقة الإنتاجية للمياه 5٪ من المستويات العادية. وانخفض إجمالي استهلاك المياه واستخدامها إلى ثلاثة لترات للشخص الواحد في اليوم مما يزيد من خطر الإصابة بالجفاف. وفي حين يسعى البعض للحصول على المياه من محطات التحلية والتنقية الخاصة وغير المنظمة، يبحث آخرون عن مياه الشرب إما من الآبار القريبة من البحر أو يشربون مياه الصنبور الملوثة بمياه الصرف الصحي. وقد تعطلت حالياً محطة معالجة مياه الصرف الصحي في شمال غزة وتقوم بتصريف مياه الصرف الصحي الخام في البحر الأبيض المتوسط. وعلاوة على ذلك، فإن ظروف النظافة الصحية محزنة، حيث يشترك مئات الأشخاص في دورة مياه واحدة، علاوة علىالنقصفي أكياس الجثث.
وكانت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، والتي تستخدم لخدمات المياه والصرف الصحي تعمل بالفعل لمدة أربع ساعات فقط في اليوم. وفي ظل الوضع الحالي، فإنها على وشك الإغلاق الكامل مما يؤثر على المستشفيات ومرافق الرعاية الصحية التي تستخدم المولدات الكهربائية لتشغيل معداتها الطبية الأساسية.
القطاع الصحي
تعمل المستشفيات الحكومية المتبقية في الخدمة بشكل جزئي وتعالج عددا كبيراً من المرضى بما يتجاوز طاقتها الاستيعابية. وستنفد خلال أيام الكميات القليلة من الوقود المتوفرة للمرافق الصحية. وقد استخدمت تقريباً الإمدادات كانت مخزنة مسبقاً في غزة. ولم يتبق سوى إمدادات محدودة للغاية في بنوك الدم، في حين نفدت بالفعل الأدوية مثل أدوية القلب المنقذة للحياة والمسكنات والأنسولين. كما تم إيقاف خدمات الرعاية الصحية مثل غسيل الكلى. ولا تتوفر خدمات صحة الأم والطفل ورعاية الأمراض غير السارية والبنية التحتية لإعادة التأهيل مما سينتح عنه المزيد من الآثار السلبية على الصحة البدنيةوالنفسية للأفراد والمجتمعات.
المرأة
كما أدى التصعيد في قطاع غزة إلى ظروف صعبة للنساء بما في ذلك الحوامل والمرضعات والفتيات المراهقات. وهناك تفاوتات كبيرة في توافر خدمات الرعاية الصحية، مما يؤثر بشكل واضح على النساء والمراهقات. وتشمل هذه التفاوتات محدودية الوصول إلى الخدمات الحيوية مثل الرعاية الشاملة لحالات الولادة الطارئة، ورعاية حديثي الولادة، وخدمات الصحةالإنجابية. وتواجه حوالي 50,000 امرأة حامل –يتوقع أن تلد 500 منهن في غضون شهر – تحديات كبيرة في الحصول على رعاية ما قبل الولادة والأمومة.
أوبئة وأمراض سارية
ويظهر من خلال التقييم الأولي للأوضاع الصحية للنازحين أن أكثر من 18,000 شخص مصاب بأمراض غير سارية وحوالي 300 حالة ما بعد الولادة يحتاجون إلى الرعايةالطبية.3 علاوة على ذلك، تظهر بيانات الصحة النفسية أن الآباء قد أبلغوا عن ارتفاع حالات الضيق والخوف والقلق وانعدام الأمن ونوبات الهلع بين أطفالهم في ملاجئ الطوارئ. كما يعاني العاملون الصحيون والمستجيبون من الآثار النفسية والتجارب الصادمة التي يتعاملون معها في الخطوط الأمامية. وفي الواقع، أشار النازحون إلى التأثير الأكبر على الصحة النفسية ينتج من التصعيد المستمر لأنه يؤدي إلى تفاقم الصدمات الموجودة مسبقاً .
وجاء في الدراسة أيضاً كانت هناك العديد من التحذيرات والمخاوف التي ـثيرت على مستوى العالم بشأن استمرار العنف والأعمال العدائية المروعة، قبل الأحداث الحالية التي منالمتوقع أن تكون أكبر كارثة تنشأ في أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان في العالم.
فالبنية التحتية الأساسية قد تدمرت ويعيش المدنيون في ظروف قاسية. ولا يتوفر مأوى آمن إضافة إلىنفاذ المياه والغذاء والكهرباء والدواء. وهناك أكثر من مليون ونصف المليون شخص في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.
وعلى الرغم من الكمية المحدودة من المساعدات التي وصلت مؤخراًمن المياه والغذاء والأدوية والتوابيت، والتي دخلت غزة للمرة الأولى منذ أسابيع، إلا أنها كانت غير كافية بشكل كبير وتفتقر إلى الإمدادات الأخرى مثل الوقود – وهو مصدر أساسي لخدمات الرعاية الصحية الفعالة والعمليات الإنسانية الفورية للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وضع مأساوي
ومع استمرار تناقص توافر الغذاء المأمون والمياه النظيفة والأنظمة التي تعمل على الكهرباء وخدمات الرعاية الصحية، إلى جانب عدم كفاية المأوى والاكتظاظ، سيواجه الناس ارتفاعاً في التعرض للأمراض، وتفاقم الظروف القائمة، وفي نهاية المطاف زيادة معدلات المراضة والوفيات. أضف إلى هذا الصدمات المستمرة التي تطغى بدورها على النظام الصحي الهش بالفعل، وتزيد من خطر تفشي الأمراض المنقولة عن طريق المياه مثل الكوليرا والأمراض السارية الأخرى مثل الأنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي (RSV) وفيروس كورونا والأمراض الجديدة غير المعروفة.
إن الوضع المأساوي لنظام الرعاية الصحية في غزة والدعوة العاجلة للتدخل هي أكثر من مجرد أزمة محلية، فهي تمثل نقطة تحول حاسمة ذات آثار بعيدة المدى على كل من المنطقة والعالم بأسره. إن انهيار البنية التحتية الأساسية للرعاية الصحية في غزة لا يعرض رفاه سكانها للخطر فحسب، بل يمكنه أيضا إحداث عدم استقرار أوسع نطاقا وأزمات صحية وتحديات إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية. وبيرز هذا الوضع الترابط بين الصحة والأمن العالميين، ويشدد على الحاجة إلى استجابات سريعة ومنسقة على نطاق دولي لمعالجة الأزمة التي تتكشف فصولها والحيلولة دون أن تصبح حافزاً لانعدام الأمن الإقليمي أو العالمي على نطاق أوسع.
وما لم نوقف هذه الكارثة في غزة ونعمل على التحذيرمن هذه الحالة الإنسانية الطارئة، ستظل المنطقة والعالم بأسره يواجهان تهديدات كبيرة تتمثل في تفشي الأمراض والأوبئة. لكل حياة أهمية وكل دقيقة تجعل الحاجة أكثر إلحاحاً.