وانتم تحاولون انقاذ الجنين لا تقتلوا الام .. حلول قطاع الشحن مثال!!
أخبار دقيقة -
على نظام الفزعة المتبع في كثير من المنعطفات وترك الخطط والاستراتيجيات لتلقى حتفها على طاولة جراح يقتل بدلا من يعالج اساس المرض.
هنا بالتحديد نتحدث عن اسلوب معالجة اضراب الشاحنات والذي تسبب بتعطل مؤقت لسلاسل التوريد.
مع تفهم ضغط الواقع على الادارات الحكومية وتشعب الموضوع بين الامني والاقتصادي ، الا اننا نحذر من الاجهاز على اي فرصة محتملة لاستثمار الفرص الهائلة في قطاع النقل البري الممكنة.
فقد ورد في سياق البحث عن حلول لاضراب الشاحنات ، الرضوخ لآلية عمل جديدة في تحديد دور موحد للشاحنات لتحميل ونقل البضائع من والى ميناء العقبة لم تأخذ بالاعتبار التعاقدات التي وقعتها شركات نقل البضائع المنظمة ، حيث ساوى الحل المقترح والمفترض انه سيكون مخرجا لحل ازمة اضراب الشاحنات بين اصحاب الشاحنات الافراد وشركات النقل الكبرى بأن يكون هناك دور موحد للتحميل من الميناء ، بحيث لم يأخذ بالحسبان ان هناك بضائع قادمة او صادرة من خلال عقود نقل مع شركات شحن تعمل وفق اسس محددة في عملية نقل البضائع وتتبعها وشروط تحميلها وتخزينها وفقا للعقود الموقعة مع المستوردين والمصدرين وضمن مواقيت محددة.
وهنا ستظهر مشكلات لوجستية واضحة ، فيما لو ان البضائع الجاهزة للتحميل وتخص شركة نقل معينة او ناقل فردي تحمل مع شاحنة مختلفة وناقل مختلف بموجب دور التحميل ، فكيف سيتم التعامل معها ، من حيث الالتزام بمواعيد النقل والاستلام والتوصيل وتقاضي اجور النقل.
فهل سيتم تجيير اجور النقل لشركة او ناقل غير الشركة او الناقل الذي اتفق مع المستورد والمصدر ، وما هي الالية لتسديد اجور النقل لشخص او شركة لم يتفق معها المستورد او المصدر؟؟
ان هذه الصورة تشبه تماما ما يمكن ان يطلق عليه "تأميم قطاع النقل البري الخاص" ليصبح تحت سيطرة الحكومة في الادارة والتعامل المالي من خلال مكتب صرف يجري الاعداد له لينوب عن كل الناقلين الافراد والشركات في تسديد اجور النقل حسب الدور الموحد!!
نعم الجميع يبحث عن حلول لموضوع اضراب الشاحنات ، الا ان الرؤية في هذا الاتجاه يجب ان لا تنحرف عن حقيقة ان قطاع النقل يخضع لمعادلات السوق ورغبة التاجر او الصانع في تحميل ونقل بضائعه مع الشركة التي يرى انها تلبي شروطه من حيث الالتزام بالمواعيد والخدمات اللوجستية التي فرضها تطور قطاع النقل البري واستخدام التكنولوجيا في تتبع الشحنات والية التخزين والنقل.
فهل من المقبول ان يتم نقل بضائع لتاجر او مصنع مع ناقل فردي ربما تجبره ظروفه على تغيير مسار الرحلة او ان ينشغل بهم عائلي عن توصيل البضائع الى اصحابها ، وان تتوقف الشاحنة امام منزله لساعات او ايام ، دون اي اعتبار لشروط التخزين المطلوبة تبعا لنوع البضائع واهمية توفير ظروف تخزين ونقل خاصة لها ؟؟
اذا فإن الحلول يجب ان لا تتسبب بمزيد من التحديات لقطاع الشحن وان تقضي على الخطط والاستراتيجيات التي وضعت لتطوير وتحسين ورفع سوية قطاع الشحن البري ، وبالتالي ان لا تكون هذه الحلول سببا في اعادة قطاع الشحن الى الوراء لسنوات ، بدلا من استثمار هذا القطاع في تنمية الاستثمار فيه وتشجيع تنظيمه من خلال شركات تعمل وفق اسس ادارة حديثة تؤسس لانطلاقة جديدة ومطلوبة للمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.
ان الحلول التي يجري الحديث عنها لحل مشكلة اضراب الشاحنات والانصات لطرف دون الاخر في هذا الموضوع ، من الممكن ان يحل مشكلة حالية ولكنه سيتسببب في قتل اي فرص لتطوير قطاع الشحن البري في الاردن ، ويمنع اي فرصة لتنافسيته مع قطاعات الشحن في الاقليم.
وان المستوردين والمصدرين من الدول العربية والخليجية يهتمون بالتعاقد مع شركات منظمة لديها امكانيات كبيرة واسطول من الشاحنات الحديثة ونظام تتبع للبضائع وشركات تهتم بشروط نقل البضائع من حيث شروط نقلها والوفاء بالمواعيد المحددة للنقل والتحميل.
وكما يعلم الجميع فإن الدول الخليجية تمنع الشاحنات القديمة من المرور بها او تحميل البضائع المصدرة اليها وتضع شروطا محددة في هذا الاتجاه.
وان من الضروري ان يتم التركيز على تعزيز عمل شركات الشحن البري المنظمة وتوفير الحوافز لدمج الملكيات الفردية في شركات منظمة قادرة على التنافس وتقديم الافضل في هذا القطاع بدلا من القضاء على ما تبقى من شركات شحن بري تعمل وفق اسس حديثة ومؤهلة واسطول شحن بري حديث يوفر بيئة عمل مثالية للعاملين فيه من حيث شمولهم في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ، وتوفير فرص عمل متزايدة في هذا القطاع بالاضافة الى تشجيع الكثيرين على الاستثمار في هذا القطاع ورفع نسبة مساهمته في الاقتصاد الوطني.
واذا اردنا ان نحافظ على الجنين فليس الطريق لذلك ان نضحي بالام كما يقول المثل الدارج ، فالجراحة المؤلمة التي تفضي الى علاج ناجع افضل من المسكنات التي لا تؤدي المطلوب على المدى الطويل!!