الصحافة بين الانتحال والتنظيم: دعم النقابة واجب وطني
في الأردن لا توجد مهنة بلا تنظيم أو مرجعية، فالأطباء ينتمون لنقابة الأطباء، والمهندسون كذلك، ولا نجد شخصًا يعمل في مهنة لا تخصه. لكن المعضلة الكبرى بقيت في مهنة الإعلام، إذ ظلت بلا شروط واضحة، إلى أن ظهرت فكرة "المواطن الصحفي" التي منحت أي شخص يحمل هاتفًا أو يمتلك صفحة على وسائل التواصل صفة الصحفي.
لا يمكن إنكار قيمة الموهبة والخبرة، وهناك بالفعل نماذج موهوبة تعمل في المجال الإعلامي باحترافية رغم أنها ليست أعضاء في نقابة الصحفيين. غير أن المشكلة تكمن في دخول المئات إلى المهنة دون أي أسس أو معايير، فقط لمجرد الرغبة أو القدرة على إنشاء موقع أو صفحة، ليقدموا أنفسهم كصحفيين.
هذا الخلط أدى إلى تشويه صورة المهنة. وقد جاء موقف نقابة الصحفيين مؤخرًا بإجراءات صارمة تجاه منتحلي الصفة، بالتزامن مع قرار الحكومة قصر التعامل الإعلامي على أعضاء النقابة، ليشكل خطوة مهمة لحماية المهنة، وإن أزعجت البعض ممن اعتادوا تجاوز القوانين.
ومع أن هناك طاقات إعلامية محترفة داخل الأردن وخارجه تستحق أن تكون تحت مظلة النقابة، إلا أن الحل لا يكون بترك المهنة مشرّعة الأبواب، بل عبر تعديل القوانين لتوسعة العضوية وفق أسس عادلة تضمن التمييز بين الكفاءات الحقيقية والدخلاء.
إن ما نشهده اليوم هو فوضى في الألقاب والممارسات، وخلط بين الصحفي المهني، والإعلامي، والمؤثر على السوشال ميديا، ما يضر بالجسم الصحفي كله.
المطلوب اليوم الوقوف مع النقابة ودعم جهودها، فهذه المهنة ليست ساحة مفتوحة للتجريب أو البحث عن الشهرة والمكاسب، بل مسؤولية حساسة وخطيرة تحتاج إلى مرجعية واضحة وتنظيم يحفظ لها هيبتها وصدقيتها.






