ماذا نفعل؟ ثلاث نصائح من سياسي مخضرم.. حسين الرواشدة

{title}
أخبار دقيقة -

ما الذي يجب أن نفعله حتى نعبر هذه المرحلة الصعبة بسلامة؟ طرحت هذا السؤال، قبل عدة أشهر، على أحد أهم صناع السياسة الأردنية، فأجاب: لدي ثلاث نصائح، الأولى: أن نتوافق على أننا أمام أخطر مرحلة نواجهها منذ تأسيس الدولة، وأن نحتشد لكي نحمي بلدنا بكل ما لدينا من امكانيات، وأن نضع هذه الحماية أولوية، وما خلاها من تفاصيل يمكن النقاش حولها.

 النصيحة الثانية : أن نقف، دائما، في صف المنتصرين، لأن الاصطفاف في طابور الخاسرين يعني أننا سنتقاسم معهم الخسارة، او ندفع ?ثمنا لها أكبر مما نتحمل، النصيحة الثالثة : إذا كان مطلوبا أن نتنازل فليكن تنازلنا مدروسا وفي قضايا خارج الحدود، وليس داخل حدودنا؛ أي دور نفقده يمكن أن نعوضه ما دام بلدنا واقفا صامدا، نحن لسنا وكلاء حصريين على قضايا امتنا، وإنما جزء منها، وما لم نستطيع أن نفعله لوحدنا يمكن ان نضعه في رقبة الجميع، ونتحمل مسؤوليته معهم. 

 ‏أترك التعليق على هذه النصائح للقارئ العزيز، ولا مجال للإسهاب في التفاصيل، ما يراه السياسي بحكم الاضطرارات يختلف تماما عما يراه الآخرون ممن هم خارج اللعبة، أو بعيدين عن حلبة الصراع والملاكمة التي تدور بين السياسيين في الغرف المغلقة، أشير، فقط، إلى أنني تذكرت ما قاله الرجل بعد «صدمة» قرارات ترامب، لا أدري إذا كانت نصائح السياسي وصلت لأسماع بعض مراكز القرار أم لا، لكن أشهد أنه كان مخلصا وصادقا ووطنيا من الطراز الرفيع، وأرجو أن أكون قد أوصلت ما قاله بأمانة.

‏الآن، لا يوجد لدي ما أقدمه أو أضيفه، مهمة الكاتب طرح الأسئلة وتوجيه النقاش العام، فيما مهمة السياسيين إبداع الأفكار والحلول، وتقديم الإجابات، في هذا الإطار نحن مشغولون بما يترتب على بلدنا من استحقاقات ما بعد الحرب على غزة، وما بعد تصريحات ترامب وسلوك ادارته اتجاهنا، سألت مصدرين مطلعين على الشأن الأمريكي أثق بهما: هل تصريحات التهجير التي أعلنها ترامب جدية أم مجرد جس نبض؟  

أكدا لي أن القصة أكبر من ملف التهجير والمساعدات ، هذا مجرد مفتاح لمشروع كبير يفكر فيه الرئيس خارج التوقعات، أضافا: ترامب يرى نفسه بلدوزرا جاهزا لكي يدهس كل شيء أمامه، يدافع عن عظمة أمريكا بشراسة، وما لم يجد طرفا أو أطرافا أخرى تمتلك القدرة لثنيه عن قراراته، إما بصفقة أو طرح بدائل أو تفا همات سياسية، فإنه لن يتراجع. 

‏من وجهة نظر ي، الأردن سيتجاوز هذه الصدمة التي كان يتوقعها أصلا (ربما لم يتوقع أن تأتي بهذه السرعة ) لديه رهانات وخيارات ومخارج عديدة، ولن يعدم القدرة على قول ( لا) والتمسك بها، لكن هذه ( اللا) ستكون مُغلّفة بلهجة سياسية وردود عقلانية، ولدى السياسة الخارجية الأردنية خبرة طويلة في هذا المجال.

وفق معلومات فإن عاصمة عربية نتشارك معها في صدمة ترامب، استخدمت هذه ( اللا) بطريقة ذكية، حيث تركت الباب مواربا لدراسة ما طلبه ترامب، لكنها ربطت موقفها بموقف أهل غزة أو من يريد منهم الهجرة، وبموقف دولة أخرى أبدت استعدادها لقبولهم على اراضيها، أعتقد أنها بذلك افشلت المخطط، وخرجت من مصيدة ترامب بأقل الخسائر. 

‏بقي لدي تعليق، أين رجالات الدولة الأردنية مما يتعرض له بلدنا في هذا التوقيت الحرج، لماذا لم نسمع لهم صوتا، هل غابوا أم غُيّبوا، هل فقدوا القدرة على توجيه الرأي والنصيحة، أم زهدوا وانسحبوا من المشهد؟ بصراحة لا أدري، ما اعرفه، تماما، أن الدولة تحتاج إلى مواقف رجالاتها، وإلى صوت العقلاء والجماعة الوطنية التي تؤمن بالأردن، وتدافع عنه، وتضحي من أجله بكل شيء، ولا تقايض على مواقفها تحت أي سبب أو ذريعة.

 

تصميم و تطوير