ايصلح «الجبس» ما كسرته الهشاشة

{title}
أخبار دقيقة -
كتب - رنا حداد 

نعم قد تتحول الكلمات إلى سكاكين تقطع الأرواح وتتسبب المواقف بإصابات نفسية يصعب علاجها، فيؤول الامر الى تشقق العلاقات وتكسرها بين البشر، تماما كما قد يحدث لأي عضو جسدي تعرض لحادث، قد نعتقد ان هذا لا يحدث، لكنه يحدث، دون ان ننتبه، تجرح الألفة، وتسقط المودة والتوقعات، وترتخي قيم التقدير، وتترك الصدمات العاطفية والنفسية خدوشا وجروحا وكسورا.اليوم علاقات ما بعد الحداثة، من حب وروابط قربى وصداقات تكشف الوجه الاخر للحياة في مجتمعاتنا الحداثية الاستهلاكية، فانتقلت من مرحلة الصلابة واصيبت بالهشاشة، واصبحت اكثر عرضة للكسر و»التفتت».المهم، كلها حوادث تؤدي إلى نشاف تلك «المادة» التي تربط القلوب، وتعمق العلاقات، لتبدأ محاولاتنا المثالية للترميم، بوضع هذه العلاقات بقوالب او جبيرة «الجبس»، هذا المزيج من الرمل والماء، الذي يتحول هو أيضا بفضل الوقت إلى مادة صلبة ومستهلكة.علاقات هذا الزمن، من دون تجميل، هشة بل هشة جدا، تنتهي بموقف، برد فعل غير متوقع، بتجاهل مقصود أو غير مقصود، أو حتى كلمة، ويبقى السؤال المحوري : هل يمكن أن تعالج « الجبيرة «ما كسر فينا، وتعيد تشكيلها؟مجتمعات اليوم اصبحت تهوى تناول السريع والمريح من العلاقات، تلك التي لا تنطوي على صلة وتواصل، وانما اصبحت مجرد «تجمع بشري» يحاول انسان اليوم الانخراط فيه بسهولة وسيولة، لا يترتب عليها التزامات، فهي قصيرة الوقت، غير ملزمة، وتنتهي بحذف حتى او «بلوك».هذه الانواع من التشققات والخدوش والجروح، التي تنشأ من العلاقات عموما لا تكون مرئية، لكنها حية وموجعة وتحتاج جراءة كبرى للافصاح عنها ومواجهة الآخرين بها، لاسيما اولئك الذين تسببوا بهذه الحوادث، ولأن الشفاء في العلاقات بين البشر، لا يأتي من الوضع بقوالب جاهزة ولا لاصقات جروح، عليك الوقاية، وان تعي ان العلاقات البشرية قد تغيرت واصبحت مطاطية المفهوم والمضمون ايضا.العلاقات اليوم اصبحت صلات، وشتان في العمق.على كل حال، ولان المشاعر تختلف عن يد أو ساق كسرت، يمكن أن يعاد تشكيلها في قالب جبس، عليك ان تتقبل فكرة ان العالم قد لا يكون في حالته الراهنة، مكانا حريصا جدا على مشاعر من يسكنه، رغم اننا نأمل ذلك، لكن عليك قبول النمط الهش الجديد في العلاقات حتى لا تصبح الجبيرة خيارا لك
تصميم و تطوير