تحقيق لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) يكشف عن ضعف في الخدمات التي تمَّ تقديمها للحجاج الذين غادروا المملكة عبر عدد من المكاتب خاصة #بترا
أخبار دقيقة -
وتبذل المملكة العربية السعودية ومنذ نحو مئة عام جهودًا كبيرة على مستوى توسيع وتطوير البنية التَّحتية الخاصة بالحجاج، وتضع الخطط اللازمة لتوزيع عدد الحجاج كل عام على الدول كافة بعدالة وشفافية وبما يضمن أمن وسلامة الحجاج إلى بيت الله الحرام.
على مساحة تمتد لنحو 33 كيلو مترًا تحاول المملكة العربية السعودية توفير كل الخدمات والرَّاحة الممكنة لحجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدَّسة وعودتهم إلى بلادهم سالمين، ولذلك فقد تمَّ تقسيم حصص الدول من حيث عدد الحجاج حسب وسائل إعلام سعودية إلى ألف حاج لكل مليون نسمة، حيث بلغ عدد الحجاج لهذا العام 2024 حسب وكالة الأنباء السعودية مليونا و833 ألفًا و164 حاجًا وحاجَّة.
تتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) رحلة الحج لأردنيين هذا العام 2024، وتبين أنَّ غالبية الدول التي وصل منها الحجاج إلى مكَّة المكرمة يصلون بطريقين؛ هما الحجاج عبر البعثات الرسمية الحكومية أو عن طريق المكاتب السياحية الخاصة.
وما حدث مع الحجاج الأردنيين هذا العام الذين غادروا عبر مكاتب خاصة تسبَّبب بوفاة وفقدان عدد كبير منهم، وحتى اللحظة تتحقق السلطات الأردنية بالتعاون مع السعودية في كل الظروف التي أدَّت إلى هذه النِّهاية المؤسفة والمؤلمة.
تواصلت (بترا) مع عدد من الحجاج الأردنيين الذين غادروا عبر المكاتب الخاصة وكُتب لهم النَّجاة وتأدية فريضة الحج ومن ذوي الحجاج الذين توفاهم الله في هذه الرِّحلة المقدَّسة، فتبين أنَّ بعضهم سار 26 كيلو مترًا قبل أن ينقطع الاتصال به، ويتم الإعلان لاحقًا عن وفاته بسبب التَّعب والحر الشَّديد والسَّير لمسافات طويلة خارجة عن قدرته وغير المناسبة لسنِّه وعدم توفير وسائل نقل وسكن آمنة.
وقال أحد الحجاج الذين غادروا الأردن قبل موسم الحج ب 45 يومًا وكتب الله له النَّجاة وتأدية الفريضة أنَّه بلغ من التَّعب الكثير ونالت منهم الظروف ومن صحتهم لكنهم أكملوا الرِّحلة، حامدين الله عزَّوجل على ما قدَّر وفعل، مؤكدًا أنَّ المكتب كان فقط لتأمين وصولهم إلى مكة المكرمة ولم يكن مسؤولًا عن تفاصيل الحج الأخرى وهو الامر الذي أثَّر عليهم كثيرًا.
وتواصلت (بترا) مع عدد من المكاتب السياحية التي نقلت الحجاج فأجاب بعضهم بأنَّ كل حاج لديهم كان يعلم كل تفاصيل الرحلة والخدمات التي ستقدم لهم من قبلهم، ورفض عدد منهم التَّعليق على هذه القضية بأي شيء.
وتبين لبترا أنَّ الحجاج الأردنيين الذين غادروا الأردن لآداء فريضة الحج انقسموا إلى عدة أقسام، منهم التابعون لوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية والمسؤولة مباشرة عن كل التَّفاصيل الخاصة بهم من لحظة مغادرتهم المملكة وحتى عودتهم، وقسم آخر غادر عبر مكاتب خاصة وتمَّ تأمينهم بكل تفاصيل الرحلة لحين عودتهم، والقسم الثَّالث كانت تقتصر المسؤولية على تأمين الحجاج إلى مكَّة المكرمة دون توفير أيِّ خدمات في عدد من المشاعر المقدَّسة.
وقال عميد كلية الشريعة السابق في الجامعة الأردنية الدكتور عدنان محمود العساف إنَّ الله تعالى يقول: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقال الهادي الأمين سيدنا محمد-? -: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، فتطابق نصا الكتاب والسنة في أشتراط الاستطاعة لإيجاب الحج.
ولفت إلى أنَّ من الملاحظ أن النص على هذا الشرط اختص بالحج دوم غيره من أركان الإسلام، والذي يدل على أن المسلم قد لا يستطيع أداء الحج، لوجود سبب قد يعود إليه أو إلى غيره، من ظروف المكان أو الزمن أو التكلفة المالية أو غير ذلك، وفي زمننا هذا تيسرت سبل المواصلات، والإمكانات المالية لدى الناس ما أدى إلى اتساع الرغبة في أداء مناسك الحج من عدد هائل من المسلمين، ولما كانت شعائر الحج محددة في الزمن في أيام معدودات، وفي المكان بأماكن محدودة، أصبح من المتعذر أن يحج كل الراغبين بالحج دفعة الواحدة، وإلا لأدى ذلك إلى إيقاع الضرر أو الدخول في الخطر سواء أكان ذلك عليهم أو على غيرهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
وعبر عن الأسف لما حدث لإخوة لنا من الأخيار، ذهبوا إلى الحج بطريق غير منسق رسميا، فأدى ذلك إلى وفاة عدد منهم، وذلك لتعذر حصولهم على أساليب الرعاية اللازمة لسلامتهم والمحافظة على أرواحهم، كونهم أكثر من العدد المجهز له ضمن الإمكانيات القائمة، فتألمنا جميعا لهذا المصاب الجلل، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، والدرجات العليا من الجنة، مع الشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
وقال إنه لا يخفى على المسلم أنه لا يجوز المغامرة بالنفس، خاصة في هذا الحر الشديد، فحفظ النفس وصيانتها من الأذى من أقوى مقاصد الشريعة الإسلامية، قال تعالى: "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين. {البقرة: 195}. وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق".
ولفت إلى أنه ولذلك كله فإنه لا يجوز شرعا لأي منا أن يحج بطريقة غير رسمية، فلا بد للمرء أن يصبر حتى يمكن الله له ذلك، فيكون في مأمن، وضمن الاستطاعة الشرعية، فإن لم يحظ بذلك، فهو بلا أدنى شك معذور شرعا لعدم تحقق شرط الاستطاعة الوارد في نصوص إيجاب الحج، وله في العمرة مندوحة وسعة، فهي بديل شرعي ميسر لزيارة المشاعر المقدسة.
وبخصوص الأجر، فبين أنه ليس محصورا على أداء الحج ذاته، بل مع النية الصالحة، فإن أجره يحصل للمسلم، بإذن الله، بأداء العديد من العبادات والطاعات الأخرى، ومن ذلك لا على سبيل الحصر، ما ورد في فضل صلاة الفجر في جماعة ثم الجلوس بعدها مع ذكر الله، إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين من وقوع أجر حجة وعمرة، بكرم ومنة منه نعالى على عباده، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة".
الرَّأي الطبي في رحلة الحج يقول على لسان استشاري الأمراض الباطنية والصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة إنَّ الخطر يكمن في التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصا كبار السن ومن يعانون من الأمراض المزمنة، في ظل الأجواء الحارة، وهذا قد يؤدي إلى الوفاة في بعض الاحيان.
وأضاف إنَّ الجسم قد يتحمل درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية لفترة قصيرة من الوقت، ومرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين وإفراز كميات كبيرة من العرق قد يُجهد عضلة القلب لدى المسنين.
ولفت إلى أنَّه يمكن أن يتحمل الجسم درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية، إذ إنَّه مهيأ لمقاومة درجات الحرارة من خلال الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إلى الجلد والعضلات لمراقبة التغييرات، وعندما ترتفع الحرارة، يعطي الدماغ إشارة سريعة بالعطش ويبدأ في التعرق، في عملية تبقي الجسم في حال توازن.
وأكد انَّه في بعض الحالات قد لا تسير هذه الطريقة بشكل اعتيادي، وقد يصبح بعض الأشخاص مصابين بأمراض مزمنة، وقد يتعرض كبار السن للجفاف، وأن مرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين نتيجة لتناولهم أدوية، فيشعرون بالتالي بوعكات صحية، مثل انتفاخ في القدمين واليدين، وحصول دوار، أو انخفاض في ضغط الدم، وتسارع في نبضات القلب.
وقال إنَّ عملية تبريد الجسم قد تكون مثالية جداً لمقاومة ارتفاع درجات الحرارة، لكن التعرق الشديد قد يتسبب في مشاكل صحية أحياناً حتى لدى كبار السن، وأن إفراز كميات كبيرة من العرق قد يجهد عضلة القلب لدى المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، ما يعني أن الأفضل لهم البقاء في أماكن مبردة قدر المستطاع.
وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أن حصة الأردن لأداء فريضة الحج للعام 2024 تبلغ 8 آلاف حاج، وقد سجل على موقع دائرة الحج والعمرة عندما أتيح التسجيل للمتقدمين لأداء الفريضة لجميع المواطنين في الأردن لمن هم مواليد عام 1970 فما دون 23 ألف مواطن، وتم اختيار مواليد حتى تاريخ 30 حزيران عام 1952 من بين 23 ألف متقدم، استنادا لمعيار الأكبر سنا، وقامت بإجراء قرعة لاختيار عدد بحدود ألف مواطن من مواليد الأول من تموز لعام 1953 وحتى تاريخ 31 كانون الأول من عام 1970 وهي فئة سُمح لها بالتقديم لموسم الحج لهذا العام، وفق الخلايلة.
وتترواح كلف رحلة الحج من الأردن إلى مكة المكرمة بين 3 7 آلاف دينار تتفاوت بين أماكن السكن وطريقة السفر برا وجوًا.
وفي سياق متابعة وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لعمليات البحث عن الحجاج الأردنيين المفقودين، ولإجراءات دفن الحجاج الأردنيين الذين توفاهم الله وهم يؤدون مناسك الحج، من خارج بعثة الحج الأردنية الرسمية ومسارات الحج النظامية الأخرى المعتمدة من قبل المملكة العربية السعودية، أعلنت مديرية العمليات والشؤون القنصلية العثور على 84 حاجاً أردنياً من بين 106 مسجلين على قوائم الحجاج الأردنيين المفقودين بحسب قاعدة البيانات التي أعدتها مديرية العمليات منذ بداية التبليغ عن فقدان ووفاة عدد من الحجاج الأردنيين، وإصدار 41 تصريح دفن لحجاج أردنيين، ليتم دفنهم في مكة المكرمة بناءً على رغبة ذويهم.
وأوضح مدير مديرية العمليات والشؤون القنصلية السفير الدكتور سفيان القضاة أن الجهات السعودية المعنية تقوم بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للحجاج الـ84 الذين عثر عليهم، وأن حالتهم الصحية متفاوتة بين الجيدة والمتوسطة والحرجة، وأن فريق القنصلية العامة الأردنية المتواجد في مكة لا يزال يقوم بتقديم الخدمات القنصلية للحجاج ومتابعة أوضاعهم مع السلطات السعودية المختصة.
وقال إن عمليات البحث لا تزال جارية عن 22 حاجاً أردنياً مفقوداً، وبجهود مشتركة من الخلية التي شكلتها الوزارة والتي تعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع القنصلية العامة الأردنية في جدة والسفارة الأردنية في الرياض وبعثة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية للحج التي كانت قد أكدت في بيان سابق لها سلامة جميع الحجاج من البعثة الأردنية الرسمية، وبمساعدة السلطات السعودية المختصة.
وأكد أن مديرية العمليات والشؤون القنصلية على تواصل مستمر مع ذوي الحجاج الأردنيين الذين توفاهم الله، وذوي المفقودين، وأن فريق القنصلية العامة المتواجد في مكة يقوم بزيارة الحجاج الأردنيين في المستشفيات للاطمئنان على سلامتهم، ومتابعة أوضاعهم.
--(بترا)
يصل عدد المسلمين في أنحاء العالم كافة إلى نحو ملياري مسلم، يتوق معظمهم إلى تأدية فريضة الحج والوقوف بجبل عرفات، لكنَّ مساحة المشاعر المقدَّسة لا تتسع لكل الراغبين بتأدية هذه الفريضة.
وتبذل المملكة العربية السعودية ومنذ نحو مئة عام جهودًا كبيرة على مستوى توسيع وتطوير البنية التَّحتية الخاصة بالحجاج، وتضع الخطط اللازمة لتوزيع عدد الحجاج كل عام على الدول كافة بعدالة وشفافية وبما يضمن أمن وسلامة الحجاج إلى بيت الله الحرام.
على مساحة تمتد لنحو 33 كيلو مترًا تحاول المملكة العربية السعودية توفير كل الخدمات والرَّاحة الممكنة لحجاج بيت الله الحرام في المشاعر المقدَّسة وعودتهم إلى بلادهم سالمين، ولذلك فقد تمَّ تقسيم حصص الدول من حيث عدد الحجاج حسب وسائل إعلام سعودية إلى ألف حاج لكل مليون نسمة، حيث بلغ عدد الحجاج لهذا العام 2024 حسب وكالة الأنباء السعودية مليونا و833 ألفًا و164 حاجًا وحاجَّة.
تتبعت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) رحلة الحج لأردنيين هذا العام 2024، وتبين أنَّ غالبية الدول التي وصل منها الحجاج إلى مكَّة المكرمة يصلون بطريقين؛ هما الحجاج عبر البعثات الرسمية الحكومية أو عن طريق المكاتب السياحية الخاصة.
وما حدث مع الحجاج الأردنيين هذا العام الذين غادروا عبر مكاتب خاصة تسبَّبب بوفاة وفقدان عدد كبير منهم، وحتى اللحظة تتحقق السلطات الأردنية بالتعاون مع السعودية في كل الظروف التي أدَّت إلى هذه النِّهاية المؤسفة والمؤلمة.
تواصلت (بترا) مع عدد من الحجاج الأردنيين الذين غادروا عبر المكاتب الخاصة وكُتب لهم النَّجاة وتأدية فريضة الحج ومن ذوي الحجاج الذين توفاهم الله في هذه الرِّحلة المقدَّسة، فتبين أنَّ بعضهم سار 26 كيلو مترًا قبل أن ينقطع الاتصال به، ويتم الإعلان لاحقًا عن وفاته بسبب التَّعب والحر الشَّديد والسَّير لمسافات طويلة خارجة عن قدرته وغير المناسبة لسنِّه وعدم توفير وسائل نقل وسكن آمنة.
وقال أحد الحجاج الذين غادروا الأردن قبل موسم الحج ب 45 يومًا وكتب الله له النَّجاة وتأدية الفريضة أنَّه بلغ من التَّعب الكثير ونالت منهم الظروف ومن صحتهم لكنهم أكملوا الرِّحلة، حامدين الله عزَّوجل على ما قدَّر وفعل، مؤكدًا أنَّ المكتب كان فقط لتأمين وصولهم إلى مكة المكرمة ولم يكن مسؤولًا عن تفاصيل الحج الأخرى وهو الامر الذي أثَّر عليهم كثيرًا.
وتواصلت (بترا) مع عدد من المكاتب السياحية التي نقلت الحجاج فأجاب بعضهم بأنَّ كل حاج لديهم كان يعلم كل تفاصيل الرحلة والخدمات التي ستقدم لهم من قبلهم، ورفض عدد منهم التَّعليق على هذه القضية بأي شيء.
وتبين لبترا أنَّ الحجاج الأردنيين الذين غادروا الأردن لآداء فريضة الحج انقسموا إلى عدة أقسام، منهم التابعون لوزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية والمسؤولة مباشرة عن كل التَّفاصيل الخاصة بهم من لحظة مغادرتهم المملكة وحتى عودتهم، وقسم آخر غادر عبر مكاتب خاصة وتمَّ تأمينهم بكل تفاصيل الرحلة لحين عودتهم، والقسم الثَّالث كانت تقتصر المسؤولية على تأمين الحجاج إلى مكَّة المكرمة دون توفير أيِّ خدمات في عدد من المشاعر المقدَّسة.
وقال عميد كلية الشريعة السابق في الجامعة الأردنية الدكتور عدنان محمود العساف إنَّ الله تعالى يقول: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وقال الهادي الأمين سيدنا محمد-? -: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، فتطابق نصا الكتاب والسنة في أشتراط الاستطاعة لإيجاب الحج.
ولفت إلى أنَّ من الملاحظ أن النص على هذا الشرط اختص بالحج دوم غيره من أركان الإسلام، والذي يدل على أن المسلم قد لا يستطيع أداء الحج، لوجود سبب قد يعود إليه أو إلى غيره، من ظروف المكان أو الزمن أو التكلفة المالية أو غير ذلك، وفي زمننا هذا تيسرت سبل المواصلات، والإمكانات المالية لدى الناس ما أدى إلى اتساع الرغبة في أداء مناسك الحج من عدد هائل من المسلمين، ولما كانت شعائر الحج محددة في الزمن في أيام معدودات، وفي المكان بأماكن محدودة، أصبح من المتعذر أن يحج كل الراغبين بالحج دفعة الواحدة، وإلا لأدى ذلك إلى إيقاع الضرر أو الدخول في الخطر سواء أكان ذلك عليهم أو على غيرهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".
وعبر عن الأسف لما حدث لإخوة لنا من الأخيار، ذهبوا إلى الحج بطريق غير منسق رسميا، فأدى ذلك إلى وفاة عدد منهم، وذلك لتعذر حصولهم على أساليب الرعاية اللازمة لسلامتهم والمحافظة على أرواحهم، كونهم أكثر من العدد المجهز له ضمن الإمكانيات القائمة، فتألمنا جميعا لهذا المصاب الجلل، نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، والدرجات العليا من الجنة، مع الشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.
وقال إنه لا يخفى على المسلم أنه لا يجوز المغامرة بالنفس، خاصة في هذا الحر الشديد، فحفظ النفس وصيانتها من الأذى من أقوى مقاصد الشريعة الإسلامية، قال تعالى: "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين. {البقرة: 195}. وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق".
ولفت إلى أنه ولذلك كله فإنه لا يجوز شرعا لأي منا أن يحج بطريقة غير رسمية، فلا بد للمرء أن يصبر حتى يمكن الله له ذلك، فيكون في مأمن، وضمن الاستطاعة الشرعية، فإن لم يحظ بذلك، فهو بلا أدنى شك معذور شرعا لعدم تحقق شرط الاستطاعة الوارد في نصوص إيجاب الحج، وله في العمرة مندوحة وسعة، فهي بديل شرعي ميسر لزيارة المشاعر المقدسة.
وبخصوص الأجر، فبين أنه ليس محصورا على أداء الحج ذاته، بل مع النية الصالحة، فإن أجره يحصل للمسلم، بإذن الله، بأداء العديد من العبادات والطاعات الأخرى، ومن ذلك لا على سبيل الحصر، ما ورد في فضل صلاة الفجر في جماعة ثم الجلوس بعدها مع ذكر الله، إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين من وقوع أجر حجة وعمرة، بكرم ومنة منه نعالى على عباده، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة".
الرَّأي الطبي في رحلة الحج يقول على لسان استشاري الأمراض الباطنية والصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة إنَّ الخطر يكمن في التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصا كبار السن ومن يعانون من الأمراض المزمنة، في ظل الأجواء الحارة، وهذا قد يؤدي إلى الوفاة في بعض الاحيان.
وأضاف إنَّ الجسم قد يتحمل درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية لفترة قصيرة من الوقت، ومرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين وإفراز كميات كبيرة من العرق قد يُجهد عضلة القلب لدى المسنين.
ولفت إلى أنَّه يمكن أن يتحمل الجسم درجات الحرارة عند حدود معينة لا تتخطى 40 درجة مئوية، إذ إنَّه مهيأ لمقاومة درجات الحرارة من خلال الخلايا العصبية التي ترسل إشارات إلى الجلد والعضلات لمراقبة التغييرات، وعندما ترتفع الحرارة، يعطي الدماغ إشارة سريعة بالعطش ويبدأ في التعرق، في عملية تبقي الجسم في حال توازن.
وأكد انَّه في بعض الحالات قد لا تسير هذه الطريقة بشكل اعتيادي، وقد يصبح بعض الأشخاص مصابين بأمراض مزمنة، وقد يتعرض كبار السن للجفاف، وأن مرضى السكري تكون مقاومتهم للحرارة أبطأ، مقارنة بالأشخاص العاديين نتيجة لتناولهم أدوية، فيشعرون بالتالي بوعكات صحية، مثل انتفاخ في القدمين واليدين، وحصول دوار، أو انخفاض في ضغط الدم، وتسارع في نبضات القلب.
وقال إنَّ عملية تبريد الجسم قد تكون مثالية جداً لمقاومة ارتفاع درجات الحرارة، لكن التعرق الشديد قد يتسبب في مشاكل صحية أحياناً حتى لدى كبار السن، وأن إفراز كميات كبيرة من العرق قد يجهد عضلة القلب لدى المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، ما يعني أن الأفضل لهم البقاء في أماكن مبردة قدر المستطاع.
وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أن حصة الأردن لأداء فريضة الحج للعام 2024 تبلغ 8 آلاف حاج، وقد سجل على موقع دائرة الحج والعمرة عندما أتيح التسجيل للمتقدمين لأداء الفريضة لجميع المواطنين في الأردن لمن هم مواليد عام 1970 فما دون 23 ألف مواطن، وتم اختيار مواليد حتى تاريخ 30 حزيران عام 1952 من بين 23 ألف متقدم، استنادا لمعيار الأكبر سنا، وقامت بإجراء قرعة لاختيار عدد بحدود ألف مواطن من مواليد الأول من تموز لعام 1953 وحتى تاريخ 31 كانون الأول من عام 1970 وهي فئة سُمح لها بالتقديم لموسم الحج لهذا العام، وفق الخلايلة.
وتترواح كلف رحلة الحج من الأردن إلى مكة المكرمة بين 3 7 آلاف دينار تتفاوت بين أماكن السكن وطريقة السفر برا وجوًا.
وفي سياق متابعة وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لعمليات البحث عن الحجاج الأردنيين المفقودين، ولإجراءات دفن الحجاج الأردنيين الذين توفاهم الله وهم يؤدون مناسك الحج، من خارج بعثة الحج الأردنية الرسمية ومسارات الحج النظامية الأخرى المعتمدة من قبل المملكة العربية السعودية، أعلنت مديرية العمليات والشؤون القنصلية العثور على 84 حاجاً أردنياً من بين 106 مسجلين على قوائم الحجاج الأردنيين المفقودين بحسب قاعدة البيانات التي أعدتها مديرية العمليات منذ بداية التبليغ عن فقدان ووفاة عدد من الحجاج الأردنيين، وإصدار 41 تصريح دفن لحجاج أردنيين، ليتم دفنهم في مكة المكرمة بناءً على رغبة ذويهم.
وأوضح مدير مديرية العمليات والشؤون القنصلية السفير الدكتور سفيان القضاة أن الجهات السعودية المعنية تقوم بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للحجاج الـ84 الذين عثر عليهم، وأن حالتهم الصحية متفاوتة بين الجيدة والمتوسطة والحرجة، وأن فريق القنصلية العامة الأردنية المتواجد في مكة لا يزال يقوم بتقديم الخدمات القنصلية للحجاج ومتابعة أوضاعهم مع السلطات السعودية المختصة.
وقال إن عمليات البحث لا تزال جارية عن 22 حاجاً أردنياً مفقوداً، وبجهود مشتركة من الخلية التي شكلتها الوزارة والتي تعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع القنصلية العامة الأردنية في جدة والسفارة الأردنية في الرياض وبعثة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية للحج التي كانت قد أكدت في بيان سابق لها سلامة جميع الحجاج من البعثة الأردنية الرسمية، وبمساعدة السلطات السعودية المختصة.
وأكد أن مديرية العمليات والشؤون القنصلية على تواصل مستمر مع ذوي الحجاج الأردنيين الذين توفاهم الله، وذوي المفقودين، وأن فريق القنصلية العامة المتواجد في مكة يقوم بزيارة الحجاج الأردنيين في المستشفيات للاطمئنان على سلامتهم، ومتابعة أوضاعهم.
--(بترا)