أوجد المجهول (س) في نقطة التعادل… بيان الضمان الاجتماعي نموذجا! كتب الدكتور نضال المجالي





لو كان أحمد الشقيري بيننا، لبدأ المقال بسؤال بسيط: فاسأل نفسك واطرح "س” ما دورنا بالتحسين؟

ولأن "س” وحدها لا تكفي، نضيف لها: ليش "س ” الآن؟ وليش بهذه الطريقة؟ وليش بدون إجابة واضحة عنالمجهول (س)؟

بيان الضمان الاجتماعي الأخير يتحدث عن "نقطة التعادل”، مصطلح يبدو مطمئنا كأنه معادلة رياضيات في كتاب الصف التاسع، لكن عند التدقيق نكتشف أننا أمام مسألة ناقصة المعطيات. لدينا أرقام، ولدينا تحذيرات، لكن المجهول (س) – مدة تحقيق نقطة التعادل في ظل المخاطر – ما زال يطفو في الهواء بلا إجابة.

السؤال الجوهري الأول:

لماذا تأخر الإعلان لمدة تعادل تقريبا إصدار دراسة اكتوارية جديدة؟ حتى لو كانت الدراسة الحالية "محدّثة”، فالتوقيت يثير الريبة. هل كانت الأرقام تنتظر نضجا سياسيا؟ أم أن الحقيقة كانت بحاجة إلى لحظة مناسبة للهبوط، لا للوضوح بل لتمرير الرسالة بأقل قدر من الضجيج؟

السؤال الثاني، وهو سؤال توقيت بامتياز:

لماذا يُعلن عن مصير الأردنيين التقاعدي في يوم عطلة حكومية؟ يوم يكون فيه المواطن منشغلا بعائلته، وبهمومه المعيشية، وبقضايا مجتمعية أخرى كالشموسة. لا مؤتمر مكتمل النصاب، لا عرض تفصيلي مفتوح، لا حوار شفاف بين سؤال وجواب. مجرد بيان… ومن لا يفهم، فليعد قراءته. هل هذه قضية تقنية أم قضية مصير؟

أما السؤال الثالث، وهو لبّ المسألة:

لماذا يبدو إيجاد المجهول (س) – مدة تحقيق نقطة التعادل في الخطر – مهمة شبه مستحيلة؟

هل الخطر محدد زمنيا؟ هل هو سيناريو أم توقع؟ أم أن الغموض مقصود ليبقى القلق مفتوحا على كل الاحتمالات؟ ولا تعنيني التواريخ المحددة!

والسؤال الرابع، لماذا نركز على فرضية التقاعد المبكر ونغفل ستة فرضيات غيرها كعدد المشتركين الحاليين والمستقبليين، ومتوسط الأجور ونموها، ومعدلات البطالة والدخول والخروج من سوق العمل، والعمر المتوقع ومتوسط سنوات التقاعد، والعوائد على الاستثمارات، والتضخم والنمو الاقتصادي، والتي تتحمل الحكومة مسؤوليتها قبل المواطن؟

وهنا نصل إلى السؤال الأكثر حساسية:

هل المواطن هو سبب الخطر؟

يُشار بأصابع الاتهام إلى التقاعد المبكر، وكأن المواطن اخترعه. بينما نعلم جميعا أن كثيرا من المؤسسات والوزارات تتعامل مع التقاعد المبكر كـ"رصاصة رحمة”: إما لتغيير وجوه، أو للتخلص من أخرى، أو لإغلاق ملفات بلا تكلفة إدارية. فكيف يصبح الضحية متهما؟ وكلنا نعلم ان الحل يكمن في الوعي باستثمار واصول اكثر أمنا لا طلبات موجهة تنتهي بالتأشير عليها بالموافقة!

هذه القضية لا تحتمل قرارا منفردا، ولا بيانا مقتضبا. هي قضية مجتمع كامل، تتطلب نقاشا وطنيا واسعا تشارك فيه الحكومة والبرلمان والنقابات والخبراء والمواطنون والإعلام الذي كتب ايجابا بعناوين لا اجابة فيها او غاب عن نقاش تحليلي فيها. لأن معادلة الضمان ليست أرقاما فقط…فهي ثقة.

والمجهول (س) لن يُحل، ما لم تُكتب المعادلة كاملة فوق الطاولة لا تحتها وعلى ان لا يكون مدخل المعطيات للمعادلة واحد صيني!.