تهميش تحت القبة…"العمل الإسلامي "خارج معادلة المناصب والإعلام
دقيقه اخبار _ فايز الشاقلدي ـ محرر الشؤون البرلمانية
لم يكن افتتاح الدورة العادية لمجلس النواب حدثًا بروتوكوليًا فحسب؛ بل شكّل مؤشرًا واضحًا على اتجاهات التحالفات والتوازنات الجديدة داخل المجلس.
ففي الجلسة التي انتهت بتزكية النائب مازن القاضي رئيسًا لمجلس النواب، وانتخاب نائبيه ومساعديه، برزت حملة إقصاء غير معلنة ضد نواب حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر الكتل المعارضة داخل البرلمان.
فبينما تنافست النائبتان ميسون القوابعة وهالة الجراح على منصب مساعد الرئيس، خرج من السباق النائب مالك الطهراوي، الشاب الوحيد الذي ترشح للموقع، وسط اصطفاف الكتل والأحزاب ضده، في مشهد يفسّر بأنه اتفاق غير مكتوب على تحييد مرشحي الجبهة من أي موقع مؤثر داخل المكتب الدائم للمجلس.
اللافت أكثر، أن التهميش لم يقف عند حدود التصويت، بل تمدد إلى العدسة الإعلامية ، إذ لاحظنا أن التغطية الرسمية ليوم الجلسة الأولى غيّبت تقريبًا ظهور نواب جبهة العمل الإسلامي في الصور والفيديوهات، وهو ما دفع النائب عدنان مشوقة إلى التساؤل عبر صفحته على فيسبوك:
"هل هو إقصاء أم إبداع؟ كيف استطاعت وسائل الإعلام الرسمية تصوير كل النواب من الصباح حتى المساء دون أن يظهر نواب الجبهة إلا نادرًا؟ أم أن الكاميرات مبرمجة على استبعادهم كما برمجت الكتل لذلك؟”
تصريحات مشوقة أعادت فتح ملف أوسع يتجاوز حدث الأمس، وهو تراجع التعددية داخل المؤسسة النيابية، وتحوّل بعض وسائل الإعلام إلى أدوات انتقائية تُظهر من ترغب، وتُقصي من لا يدخل ضمن «التفاهمات» السياسية والإعلامية وربما رغبات وقواعد لعبة الشطرنج.
في المقابل، تؤكد مصادر داخل المجلس أن توزيع المناصب جرى «وفق التفاهمات البرلمانية المعتادة»، غير أن المشهد العام يعكس انغلاقًا سياسيًا يضع علامات استفهام كبيرة حول تمثيل المعارضة تحت القبة.
إقصاء ممنهج أم إدارة نفوذ؟
ما جرى لا يبدو مجرد صدفة انتخابية، فإقصاء نواب جبهة العمل الإسلامي من المكتب الدائم، ومؤشرات استبعادهم المحتمل من رئاسات اللجان الدائمة، يوحي بوجود إرادة سياسية داخل المجلس لتقليص حضورهم وتأثيرهم ، وهو ما قد ينعكس سلبًا على صورة البرلمان كمؤسسة تمثيلية تعكس التنوع السياسي والاجتماعي في البلاد.
الإعلام والبرلمان… شراكة مشروطة؟
الانتقائية في التغطية الصحفية، وإبراز نواب دون آخرين بناءً على «اتفاقيات نشر» أو تفاهمات مسبقة، يمثل انحدارًا في معايير المهنية الصحفية. فالإعلام الذي يُفترض أن يكون مرآة حقيقية للمجلس، لا يجوز أن يتحول إلى شريك في هندسة الصورة العامة بما يخدم كتلاً محددة أو يهمّش أخرى.
افتتاح الدورة النيابية كشف بوضوح أن التزكية ليست توافقًا وطنيًا بقدر ما هي تفاهم إقصائي وتوزيع حصص، وأن الديمقراطية البرلمانية لا تُقاس فقط بعدد المقاعد، بل بمدى العدالة في توزيع الفرص والمناصب.
تساؤل مشروع يظل معلقًا:
هل بدأنا نشهد مرحلة «برمجة سياسية» جديدة، تُقصي المعارضة تحت قبة البرلمان كما تُقصيها الكاميرا من الصورة