“إسرائيل الكبرى” مشروع توسعي يهدد الأمن القومي العربي ..فلسطين والأردن ومصر خط الدفاع الأول

كتب ـ عدنان نصار

ليس تصريحًا صحفيًا ولا ترفًا سياسيًا ، ولا هو كلام فائض عن الحاجة.. فرئيس  وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإن كان من هواة إشعال جدل سياسي  بتصريحاته ، غير أن تصريحاته الأخيرة حول ما يسميه بـ”رؤية إسرائيل الكبرى”، تجيء  امتدادًا لـ”مهمة تاريخية وروحية” كما يدعي لاستكمال مسيرة الأجيال السابقة في توسعة الإحتلال  بناء "الدولة العبرية”.

هذه التصريحات، التي تبدو للوهلة الأولى مجرد خطاب داخلي، تحمل في طياتها نزعة توسعية خطيرة تتناقض مع القانون الدولي، وتضع المنطقة على فوهة بركان سياسي وأمني ، قابل للإنفجار ، اكثر من الإنفجار الحالي في العدوان على غزة ، وهو وإن حصل فأنه بلا شك سيكون إنفجار لا يبقي ولا يذر ، وعلى الكيان أن يضع في حساباته مالا يخطر على قلب بشر ..فما عاد الشعب العربي والإسلامي بكل مكوناته وجغرافيته وحدوده يحتمل هذا الوباء من أعداء الإنسانية .. وربما إن حصل هذا الإنفجار سيكون شعار الشعوب :” علي وعلى أعدائي لا شلت” وهو شعار يتسم بجاهزية عالية بعد أن وصلت الشعوب العربية والإسلامية الى حالة لا يتفع معها "التهدئة” ولا "قمعهم من حكوماتهم” .!

التصريحات الفجة والوقحة من بنيامين نتنياهو تعني:

ـ أولاً: تهديد للأمن القومي العربي وهي رؤية تجيء في سياق يلامس مباشرة الأمن القومي العربي، خصوصًا الأردن ومصر، اللتين تعتبران أي محاولة لتوسيع حدود إسرائيل أو فرض حلول على حساب القضية الفلسطينية مساسًا مباشرًا باستقرارهما الوطني.

الأردن بطبيعة الحال ومن موقعه الجغرافي والتاريخي، يرفض بشكل قاطع طروحات "الوطن البديل”، ويتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، باعتبارها خطًا أحمر لا يقبل المساومة.

ـ ثانياً: نسف حل الدولتين بالنسبة للفلسطينيين،وهو ما يفهم من تصريحات نتنياهو التي تعتبر  إلغاءً عمليًا لحل الدولتين ، ونسفًا لكل جهود "السلام” ، الذي سعى اليه الكيان الإحتلالي عبر ما يقارب 40 سنة فائتة..فالتصريحات  تعكس إصرارًا على استمرار الاستيطان وتكريس الاحتلال، بما لا يترك أي مجال لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وهو تهديد مباشر للهوية الوطنية الفلسطينية وللأرض الفلسطينية.

ـ ثالثاً: مسؤولية المجتمع الدولي.. إن "رؤية إسرائيل الكبرى” تمثل انتهاكًا صارخًا للقرارات الدولية، وخاصة القرارين 242 و338 اللذين يؤكدان عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة. ومن هنا، تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية سياسية وأخلاقية للتصدي لهذه الطروحات، وإلزام إسرائيل بحدود الشرعية الدولية.

القوى الكبرى، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، مطالبة باتخاذ مواقف واضحة وفاعلة تحول دون انزلاق المنطقة إلى جولة صراع جديدة.

ـ رابعاً: ضرورة الموقف العربي الموحد ، الذي يبقى التحدي الأكبر أمام العرب هو توحيد الموقف الفلسطيني والعربي لمواجهة هذه الطروحات، سواء عبر تعزيز الحضور الدبلوماسي في الساحة الدولية أو بدعم الصمود الفلسطيني على الأرض. فالمشروع التوسعي لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يهدد الاستقرار الإقليمي برمته.

في المحصلة، فإن تصريحات نتنياهو ليست مجرد "خطاب انتخابي”، بل هي إعلان صريح عن مشروع استعماري جديد يستوجب ردًا عربيًا ودوليًا حازمًا.

إن ترك هذا الخطاب يمر دون مواجهة سيعني فتح الباب أمام صراعات طويلة، يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني أولًا، ثم الشعوب العربية والإقليم كله..ولن يسلم احد مطلقا من قرون هيجان الثور إن أرخينا له الرسن .

كاتب وصحفي أردني