لماذا تفشل القيادات الحزبية في تفعيل الهيئات العامة؟
كتب ـ فادي زواد السمردلي
إن الدور المحوري والأساسي في مواجهة هذه الأزمة لا يقتصر على مجرد التحفيز أو التشجيع، بل يتطلب من القيادات الحزبية اتخاذ موقف حازم وصارم حيال المسؤولية التي أوكلت إليها فالفشل في تفعيل أعضاء الحزب وتحفيزهم ليس مجرد عجز تنظيمي أو تقني، بل هو إخفاق إداري وسياسي بامتياز. فالقيادة الحزبية التي تتغاضى عن هذا الواقع أو تتعامل معه بتساهل تتحمل كامل المسؤولية عن الجمود الحزبي وتراجع الفاعلية التنظيمية فلا يجوز للقيادات أن تظل متفرجة أو مترددة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الحيوية إلى صفوف الحزب، إذ على رأس أولوياتها إعادة هيكلة العمل الحزبي بحيث يصبح نظاماً قائماً على الأداء والمحاسبة، لا مجرد تسجيل أسماء على قوائم شكلية من أجل عقد المؤتمر العام.
القيادة الفعالة لا يمكن أن تتسامح مع الأعذار التقليدية التي تُطرح حول انشغال الأعضاء أو ضعف الحافز، لأن هذه المشاكل هي جزء من واقع الحياة، وعمل الحزبي يتطلب تصميمًا على التكيف معها وحلها لا الهروب منها. ويجب على القيادات أن تفرض آليات لتوزيع المهام، وتحدد أدوارًا واضحة لكل عضو، مع متابعة دقيقة لأداء كل منهم كما يتعين عليها أن تفرض نظام محاسبة فعال، بحيث لا يكون التراخي مقبولاً أو بلا تبعات. وهذه الإجراءات ليست خياراً بل ضرورة حتمية للحفاظ على كيان الحزب وقوته.
علاوة على ذلك، القيادة الحزبية مطالبة بإعادة النظر في طرق التواصل الداخلي، ورفع مستوى الشفافية والوضوح بشأن التوقعات من الأعضاء، وتوفير تدريب مستمر وفعال يزودهم بالأدوات والمهارات التي تؤهلهم للقيام بواجباتهم. ولا يجوز أن تتجاهل القيادة الخلافات والصراعات الداخلية التي تقتل أي محاولة لإحياء العمل الجماعي، بل يجب أن تتعامل معها بحسم وصرامة، فتقطع دابر الخلافات قبل أن تمتد وتُخرب بنيان الحزب من الداخل.
إن غياب الدعم المادي والتنظيمي أو التقاعس في توفير الموارد اللازمة ليس مبررًا للقصور، بل هو فشل إداري واضح على القيادة أن تتحمل مسؤوليته كاملة، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على تذليل هذه العقبات وإعادة ترتيب الأولويات. كذلك فإن الخوف من تبعات المواقف السياسية لا يجب أن يكون عائقًا، فالقيادة القوية هي التي تخلق مناخًا آمنًا يحفز الأعضاء على التعبير عن آرائهم والمشاركة دون خوف، مع فرض قواعد انضباط واضحة تحمي الحزب من الاستغلال أو الانقسامات التي تضعفه.
في الختام، يعود فشل القيادات الحزبية في تفعيل الهيئات العامة إلى غياب الرؤية الواضحة والاستراتيجية الحقيقية للعمل الحزبي، ما يؤدي إلى ضعف التخطيط والتنظيم، إضافة إلى التساهل مع الأداء الضعيف وعدم فرض نظام محاسبة صارم على الأعضاء، مما يشجع الجمود والتقاعس كما أن التغاضي عن الخلافات والصراعات الداخلية بدلاً من مواجهتها بحسم يضعف الوحدة التنظيمية ويقتل الحماس، فضلاً عن نقص الدعم المادي والتنظيمي والتقاعس عن تذليل العقبات التي تواجه الأعضاء. إضافة إلى ذلك، يؤدي ضعف التواصل الفعّال والشفافية بين القيادة والأعضاء إلى إحباط وافتقار الحافز، بينما الخوف من تبعات المواقف السياسية يحد من جرأة القيادة ويقلل من فعاليتها لذلك، لا بد للقيادات الحزبية أن تتحلى بالمسؤولية والصرامة، وأن تعيد هيكلة العمل الحزبي على أسس المحاسبة والشفافية والتفاعل الحقيقي، لتفعيل دور الهيئات العامة وتحقيق الفاعلية التنظيمية المنشودة فالعمل الحزبي ليس مكانًا للضعفاء أو المتخاذلين، وإنما ميدان يتطلب قيادات حازمة تفرض النظام وتحفز الأداء، وأعضاء ملتزمين يدركون مسؤولياتهم ويلتزمون بها بكل جدية وإذا أراد الحزب أن يكون قوة حقيقية فاعلة في المجتمع، فعليه أن يبدأ بتفعيل عمل أعضائه من خلال قيادات لا تعرف التهاون، ولا ترضى بالضعف أو الجمود، قيادات تُمارس دورها كقائدٍ صارم ومسؤول، تضع مصلحة الحزب فوق كل اعتبار، وتفرض على الجميع الانضباط والتفاعل.
الكاتب من الأردن