المثل (ما مادح نفسه غير إبليس) حين يُصبح المديح الذاتي ستاراً للعدم
كتب ـ فادي السمردلي
ولا ينحصر المعنى في فرد بعينه أو جهة محددة، بل ينطبق على كل من يعيش على وهم الإنجاز المصنوع بالكلمات. فكم نسمع من يقول: "فعلنا ونفعل وسنفعل”، دون أن يرى الناس شيئاً على الأرض فالشعارات تُرفع، والبيانات تُصاغ بلغةٍ رنانة، والصور تُلتقط بزوايا محسوبة بدقة، فيما الواقع باهت، يراوح مكانه، لا يعكس شيئاً من تلك الوعود التي تُبنى كقصور من ورق فالاجتماعات تنعقد، والمبادرات تُطلق، والاحتفالات تُقام، بينما الجوهر، العمل الحقيقي، غائب أو متواضع في أفضل الأحوال. وهذا تماماً ما يُحذر منه المثل أن يصبح الكلام بديلاً عن الفعل، وأن يتصدر المديح الذاتي المشهد حين يعجز الواقع عن دعم الرواية.
إن من يحتاج إلى أن يذكّر الآخرين بإنجازاته يومياً بصوتٍ عالٍ، ويوزع على نفسه أوسمة التفوق، هو في الغالب يحاول إخفاء فراغاً لا يُمكن ملؤه إلا بالفعل، لا بالحديث فالشمس لا تحتاج إلى من يشير إليها لتُرى، والإنجاز الحقيقي لا يحتاج إلى مُعلقين يصرخون باسمه فهذا المثل الشعبي، بجرأته القاسية، يضع الأمور في ميزان لا يرحم فإن لم تشهد لك أعمالك، فلن يُنقذك مديحك لنفسك.
وفي الختام، لمن يجد نفسه مأخوذاً بلذة المديح الذاتي، ويظن أن اللغة الجميلة تكفي لتصويره كمنقذ أو مُنجز، تذكّر أن الناس لا يُخدعون طويلاً، وأن الأثر هو الحَكم الوحيد فالكاميرات لا تُنبت واقعاً، والخُطب لا تبني مؤسسات، والتصريحات لا تُصلح خللاً فدع أفعالك تتحدث عنك، أو اصمت فإن لم تجد في الواقع ما يثبت ما تقول، فاعلم أن المديح الذاتي، مهما زُخرف، لا يرفعك، بل يضعك معزولاً، مرفوضاً، يتحدث لنفسه، ولا يسمعه أحد.
فإذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب!!!!
الكاتب من الأردن