التوجيهي... محطة وطنية تتجدد ورؤية تربوية تتشكل
التوجيهي... محطة وطنية تتجدد ورؤية تربوية تتشكل
بقلم: الدكتور محمود محمد الدويري
جامعة الشرق الأوسط
يتوجه صباح غدٍ طلبة الثانوية العامة في الأردن إلى قاعات الامتحانات، محملين بآمال كبيرة وطموحات لا حدود لها. إنها اللحظة التي ينتظرها المجتمع بأسره، ويتنفس معها الوطن نبضًا استثنائيًا، حيث تختلط مشاعر القلق بالأمل، وتتجدد الأحلام في أعين الطلبة وأسرهم، وتنبض قلوب الآباء والأمهات دعاءً وصبرًا، ويقف المعلمون والمربون بفخر إلى جانب أبنائهم، وهم يرون فيهم ثمرة سنوات من التعليم والرعاية.
ليست الثانوية العامة مجرد امتحان، بل هي جزء من الذاكرة الوطنية الأردنية، ارتبطت لعقود بوجدان المجتمع، وشكلت نقطة تحول في حياة كل شاب وفتاة. ومع ذلك، فإن هذه الدورة من الامتحانات قد تكون من آخر المرات التي تُعقد فيها بصيغتها التقليدية، إذ إن التوجهات التربوية الجديدة تسير نحو إعادة هيكلة النظام، بما يتلاءم مع متطلبات المستقبل ويعالج تحديات الماضي.
وفي ظل التغيرات العالمية المتسارعة، لم يعد من المقبول أن تبقى نظم التقييم محصورة في اختبار نهائي واحد، يقيس أداء الطالب في ظروف ضاغطة ولا يعكس دائمًا مهاراته الحقيقية. إن تطوير نظام الثانوية العامة لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة ملحّة لبناء جيل متمكن من أدوات العصر، وواعٍ بقدراته، ومؤهل لمواجهة تحديات الحياة الجامعية والمهنية.
تتجه الرؤية التربوية الجديدة في الأردن نحو نظام أكثر شمولية وعدالة، يقوم على:
• تعدد فرص التقييم طوال العام الدراسي، بدلًا من الاقتصار على امتحان واحد.
• تنويع المسارات التعليمية لتشمل المسارات الأكاديمية، والمهنية، والتكنولوجية، بما يراعي ميول الطلبة وقدراتهم المختلفة.
• اعتماد ملف الإنجاز التراكمي ليعكس تطور الطالب ومهاراته الفعلية خلال المرحلة الثانوية.
• التركيز على المهارات الحياتية والرقمية إلى جانب المعرفة النظرية، في سبيل إعداد متعلم شامل.
إن هذا التحول المنتظر لن يكون مجرد تعديل شكلي، بل نقلة نوعية تعيد الاعتبار للتعليم كأداة للنهوض بالمجتمع، وتحقيق التنمية البشرية المنشودة.
نصائح تربوية للطلبة قبيل الامتحانات
في ظل هذه اللحظات المصيرية، نقدم لأبنائنا وبناتنا مجموعة من النصائح التربوية التي تعينهم على اجتياز هذه المرحلة بثقة وطمأنينة:
• ثق بالله ثم بقدراتك: ما زرعته من جهد خلال العام لن يضيع، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
• نظّم وقتك بحكمة: خصص وقتًا للمراجعة وآخر للراحة، ولا تُرهق نفسك عشية الامتحان.
• ابتعد عن القلق والتوتر: تعامل مع كل مادة بهدوء وثقة، فالتوتر لا يصنع إنجازًا.
• ابدأ بالدعاء: استفتح ورقتك بالدعاء والتوكل، مثل قولك: "ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري..."
• لا تراجع بعد الامتحان: ما انتهى، انتهى. ركز على المادة القادمة بدلًا من إعادة الأسئلة مع الآخرين.
• لا تقارن نفسك بأحد: النجاح الحقيقي هو أن تبذل أقصى جهدك، لا أن تتفوق على غيرك فقط.
وختامًا
إلى طلبتنا الأعزاء: أنتم نبض الوطن، ومستقبله المشرق. كل دعواتنا معكم، وكل الأمل فيكم.
وإلى أسر الطلبة ومعلميهم ومجتمعهم: كونوا داعمين، مشجعين، مؤمنين أن بناء الإنسان هو أعظم استثمار وأصدق رسالة.
وما التوجيهي إلا محطة، تبدأ منها رحلة الحياة، وتزهر فيها البدايات الجميلة.