عدنان نصار: للأردن هوية.. ولفلسطين هوية.. وما بينهما يكمن التآخي.. و”هرقل” خارج السياق
عدنان نصار
لا يوجد رئيس أمريكي عبر تاريخ مسار البيت الأبيض ، يعشق الجدل البيزنطي ، كما هو "ترامب”.. ولعل الرجل الذي يميل الى "الأنا” المطلقة يعيش حالة نفسية ينسحب عليها "الهبل السياسي” ، وربما ما هو أبعد من هذه الصفات ، لنقل انه "مجنون” دون الحاجة الى إثبات الحالة .!
تصريحات "ترامب” المتعلقة بفلسطين عموما ، وقطاع غزة على وجه الخصوص ، هي بلا شك تصريحات خرافية بإمتياز ، تنطوي على عدم فهم تاريخي لمسار القضية الفلسطينية، وعناد غزة المشروع عبر تاريخ عميق ، أعمق من تاريخ نشأة أمريكا بألاف السنين..، ولا أظن أن أمريكا بكل صولجاناتها وعظمتها قادرة على إخفاء الشمس بغربال قمح أمريكي ، ولا هي برئاسة ترامب قارئة جيدة للتاريخ الفلسطيني ومساره ، وهويته ،ونضاله ،
وصبره الذي تماثل مع صبر "أيوب ” على الإبتلاء ..إبتلاء فلسطين بإحتلال صهيوني مدعم بقوة أمريكية مثل أوتاد تحمي مستعمارتهم العابرة ، وتحمي مستوطنين جاءوا من أحياء "الغيتو” ليبنوا وطن لهم محاط بالمستحيل .
الأردن، الذي يقف مثل طود بهويته الأردنية، لا يمكن لهرطقات ترامب أن تغير من مسار هويته الوطنية، فالمسألة، تبقى مسألة وجود، والهوية الفلسطينية مسألة وجود، والمحتل لا مكان له بين هذين الوجودين مطلقا .
ترامب، يبدو انه أكثر ميلا لتصريحات سمجة وغبية، فما من رئيس لدولة عظمى مثلا يصرح أمام رئيس وزراء اليابان بأنه يبدو وسيما على الملأ ، وأن صوره أكثر وسامة !!! وما من رئيس يصرح بشكل متهور كما هو ترامب الذي يهوى الظهور الإعلامي كما لو انه ممثل مغمور في طرقات هوليود.. السياسة، لا تبدو لائقة على الرجل، ولا هي من مقاسه.
الموقف الأردني الرسمي المسنود شعبيا على نطاق واسع، من كل جغرافيته الأردنية في المدن والريف والبادية والمخيم ، قال كلمته منذ زمن بعيد: الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، وما بينهما يكمن التآخي العربي، والوشائج والروابط بكل أبعادها الإنسانية والأخوية.. وهو موقف جامع لكل القوى المجتمعية الأردنية الأردنية..والأردنية من أصول فلسطينية، وهو موقف مبني على شرف الموقف، وشرف الحراك السياسي عبر مسار نضال القضية الفلسطينية ضد الإحتلال الإسرائيلي وطغيانه.
الرفض الرسمي الأردني المسنود عربيا، ومن دول العالم الحر لتهجير ابناء قطاع غزة الى الأردن ومصر، هو رفض قطعي.. فالمسألة لا تتعلق بقطعة أرض، ولا بمساحة جغرافية.. المسألة تندرج في قاموس القداسة ..قداسة وطن فلسطيني تم سرقته من عصابات جيء بها لتقيم "دولة ورقية” تحميها أمريكا ،على أرض فلسطين العربية.
لقد عانت القضية الفلسطينية، منذ 76 سنة، وسجل التاريخ حروب إستعادة الأرض من المارقين.. وليس آخرها السابع من أكتوبر المجيد.. بل وستستمر مسيرة النضال وسيرتها الشرعية لدحر قوى الطغيان والشر الذي تسانده أمريكا، وترعاه، غير نمو الإحتلال سيبقى واحد من أبشع أقزام الردة في زمن عملقة النضال الفلسطيني.
بقي أن نقول، ما يردده الموروث الشعبي السياسي الاردني: الأردن وفلسطين جناحين للنهر المقدس.. للأردن هوية، ولفلسطين هوية.. ولا هوية للمارقين على أرض فلسطين العربية.
كاتب وصحفي أردني ..