طلب هجرة إلى جمهورية أفلاطون
استيقظت صباحا مفزوعا من حلم كنت فيه مواطنا في المدينة الفاضلة، كنت فيها بكامل الحقوق والامتيازات وملتزما بكافة الواجبات، كنت صادقا أميناً مهتما بخدمة حقيقة واحدة هي أني جزء أو فرد من سكان المدينة التي نعمل جميعا فيها لحياة مثلى، كل منا يشغل موقعه بأعلى درجات المهنية والعطاء، كنا نتواصل بصدق ونعبر بأمانة، وكانت البسمة تملأ وجوه الجميع، وملامح الهدوء والرضا في كل أركان المدينة، وحتى أني رأيت سكان المدينة يحاولون تهدئة الشركات الكبرى المملوكة لجمهورية أفلاطون أو كانت شريكة فيها، أو كانت تملكها وباعتها تتسابق لإنهاء أزمة قرار تعطيل أو توقف المعونات، بالتزامهم بتغطية المبالغ والمنح والمعونات المطلوبة خلال مدة التعطيل، لضمان استدامة موظفي وبرامج التنمية للمدينة الفاضلة بدل توقفها بقرار مجنون، والذي يستوجب عامين على الأقل للشعور بالثقة من جديد فيها أو التعافي إن عادت.
أعلم أن حلمي مثالية زائدة وواقع لن يقع، وأعلم خوف الكثيرين من الاستبداد في السلطة المطلقة كما طرحها أفلاطون، ولكن لي الحق بالتفكير بالتقدم لطلب هجرة لجمهورية أفلاطون، فأنا أبحث عن الهروب من الواقع الذي نعيشه في اختيار الأشخاص وإدارة المدينة، نعم أبحث عن الكمال في العدل والمساواة والرخاء، أو أسرّكم أمرا أبحث في كتابة هذا المقال عن توجيه النقد بحرية دون أن يحسب ضدي في مجتمع لا يمتّ لمدينة أفلاطون بشيء، فما أكثر أن تقرأ النقد لمن منع عنك مصلحة خاصة جلبا لمصلحة عامة، وما أكثر الثناء لمن قدم لك خدمات حتى لو كانت جزءا أساسيا من مهمته أصلا، وما أكثر أن ترى مساحات التعزية بميت أو التهنئة بالسلامة من وعكة صحية لا تتجاوز الإصابة بالرشح لشخصية عامة- لك مصلحة عندها- أكثر تفاعلا وتواصلا من التعليق على قرار فيه إحياء أمة، وما أكثر الإشادة الإعلامية لذات العنوان المكرر خمسة عشر عاما لذات حجر الأساس، فجمهورية أفلاطون حلمي وحلمه الذي لن يكون إلا في آخر الزمان حتى وإن كانت انطلاقته منذ آلاف السنين، فنحن «ولاد النهاردة» وما أسرع أن نبدل الأفكار والمبادئ والأعراف حسب اتجاه الريح، فنحن أفضل من فهم قول علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- «إن هبّت رياحُك فاغتنمها» بتحويل الأفكار العادية إلى عظيمة بإضافة شرط لها أن تكون مصلحة فردية فقط، وأما رياح غيرك فلا تتردد في بناء ساتر يمنع مسيرة أشرعتها.