متحدثون يقرأون في مهرجان الأردن للإعلام العربي تحديات الحياة في فلسطين
ضمن جلسات الدورة الخامسة لمهرجان الأردن للإعلام العربي، أقيمت جلسة بعنوان "التحديات التي تواجه فلسطين"، شارك فيها كلٌّ من: محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل، والوزير الدكتور قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى المحررين، والدكتورة ولاء بطاط أستاذة الإعلام والباحثة في قضايا الطفل، والوزيرة الدكتورة علا عوض رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، والوزير الدكتور مؤيد شعبان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ومنى الخليلي أمينة سرّ المرأة الفلسطينية، فيما أدار الجلسة وزير الثقافة الأسبق وأستاذ علم الاجتماع الدكتور صبري اربيحات.
وأشاد محمد بركة بدور الأردن وقيادته في دعم فلسطين، مؤكدًا أن فلسطينيي الداخل يعتبرون الأردن رئة يتنفسون منها هواءهم العربي ويتواصلون من خلالها مع ما انقطع من أبناء شعبهم، إذ فتح الأردن جامعاته لأبنائهم وقدم لهم الكثير. كما أكّد أهمية دور مهرجان الأردن للإعلام العربي وخلاصاته وتوصياته في مجال موضوع المؤتمر، وغيره من المجالات.
وتحدث بركة عن تاريخ القضية الفلسطينية دوليًّا، مثل سايكس بيكو، ووعد بلفور، والاتفاقيات اللاحقة، وقال إنّ انتقاصًا لحقوق العرب الفلسطينيين في الداخل، وإنّ فك الانتداب كان لتمكين المشروع اليهودي، ولفرض الهيمنة وإثارة الفتن، خالصًا إلى أنّ قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، كما أنّ العرب لا يتضامنون مع فلسطين وإنما يدافعون عن أنفسهم حين يدافعون عنها. وتحدث بركة عن المشروع الصهيوني المتصل الذي يجب أن نعرف كيف نقرأه إذا أردنا أن نواجهه.
ودعا بركة إلى قراءة الحدث في سياقاته الأوسع وليس في سياقه الضيّق، متحدثًا عن بلاد عربيّة تعاني أوضاعًا سياسيّة، من خلال إثارة قلاقل وفتن، تحيط بها إسرائيل نفسها أمام أيّ إزعاج.
وقال إنّ مقاومة المشروع الذي يستهدفنا جميعًا تدفعنا لأن نتولى قراءته القراءة الصحيحة، مشيرًا إلى الاعتقالات والمضايقات في الداخل، وعصابات الإجرام.
واقترح بركة مبادرات شعبيّة وتضامنية مع شبابنا في الغرب والتواصل معهم، أمام حرب الإبادة المستمرة في غزة، وأن نحافظ على جذوة المعركة المباركة للدفاع عن فلسطين.
ودعا إلى استثمار وسائل التواصل الاجتماعي، والتفكير بوسيلة اتصال عربيّة، كضرورة إعلامية، وجهاز إعلامي عربي يشتمل على إنتاج أفلام قصيرة تعزز الدور الفلسطيني وصولًا إلى العالم.
وقال بركة إنّ إسرائيل نجحت في ترسيخ "اللغة" التي تدين الفلسطينيين، ونحن بحاجة لمراجعة هذه المصطلحات، خاتمًا بأنّ كلّ الخطوات لها مفتاح واحد وأساسي، وهو إنهاء الانقسام كمصلحة وطنية عليا، باعتبار إسرائيل ممولة لهذا الانقسام بما يربك شعب وأصدقاء القضية.
وأكّد الوزير الدكتور قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى المحررين، أنّ الجبهة الثانية بعد المواجهة مع الاحتلال هي الفضاءات التي نملؤها بالمضمون والحقيقة، خصوصًا أمام عدالة قضيّتنا، مركّزًا على قضيّة الأسرى، وهم الأكثر إيمانًا بالانتماء لأمّتهم، أمام المشروع الإحلالي التوسعي العنصري بالمعنى الشامل للكلمة.
وتحدث قدورة عن التحولات التي وقعت بعد 7 أكتوبر، ملقيًا الضوء على عدد الإعلاميين الذين اعتقلوا منذ تلك الفترة في غزة ومن الضفة الغربية والقدس، وكذلك عدد الشهداء، فلم يبق بيت لم يدخل فيه الاحتلال، حيث جريمة الإخفاء القسري، وجرائم القتل والتجويع وغيرها، وقال إنّ 15 ألف أسير وأسيرة تمّ اعتقالهم في إسرائيل، ذاكرًا مراكز التوقيف، وتجديد مدة الاعتقال.
كما تحدث عن الأسرى المصابين بأمراض تهدد الحياة، واستهداف الكبار في السن والأطفال، وكذلك الأسرى الشهداء، واحتجاز الجثامين، وارتفاع هذا العدد، ومصادرة حقوق الأسرى من إدارات الاحتلال.
وأكدت منى الخليلي أمينة سر المرأة الفلسطينية الرابط المتين مع الأردن، وسعي المرأة الأردنية لتحقيق الحرية، حيث نستمع لصوت الناجيات من الموت والأنقاض في غزة يسألن عن الغائبين والمفقودين.
كما أكدت أهمية المهرجان الذي يليق بالإعلام العربي الشريك في الهدف الفلسطيني وتكذيب الرواية الإسرائيلية، وقالت إنّ القوة القائمة بالاحتلال تدفعنا إلى الأمل وتأكيد دور النساء في تعزيز صمود أهلنا، متحدثةً عن الهجمات العسكرية واستخدام القوّة المميتة ضد المرأة الفلسطينية، وقتل عدد غير مسبوق من النساء، كحرب على النساء والأطفال، متحدثة عن 70% من النساء والأطفال، وخطر الأمراض المعدية التي تواجه النساء كحياة لا تصل إلى مستوى الحياة الإنسانية اللائقة بالإنسان، بل وحرمانهنّ من أبسط الحقوق، وهو ما سيترك آثارًا خطيرة في المستقبل، أمام مسؤوليتهنّ في تحمّل العبء تجاه الأطفال.
وتحدثت الخليلي عن الجهود التي تبذل لملاحقة الجرائم الإسرائيلية والقمع، فهناك العديد من الأسيرات الفلسطينيات اللاتي تعرضن للاغتصاب والتعذيب. وقالت إننا رفعنا الصوت عاليًا ومرارًا لمنظمات حقوق الإنسان.
وذكرت الخليلي العديد من المبادرات التي تقوم بها النساء في قطاع غزة، كمبادرات تحمي النسيج الاجتماعي الذي فقدت به كلّ سبل الحياة، لافتةً أيضًا إلى الضفّة الغربية والانتهاكات التي ترتكب من قبل الاحتلال الإسرائيلي في المخيمات وكافة محافظات الضفّة.
كما حذرت من قلق الأمهات أثناء الاجتياح والطلاب في المدارس، مما يولّد الأثر السلبي الكبير بفعل ذلك.
وقال الدكتور مؤيد شعبان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إنّه أريد لفلسطين أن تكون أرضا بلا شعب أو شعبا بلا أرض، لكنّ فلسطين صعدت لتكون فكرة ودولة، متحدثًا عن النكبة وتاريخ المشروع الصهيوني الاستعماري الإحلالي الذي لا يريد لعربي أو فلسطيني أن يكون على هذه الأرض، حيث الإبادة مستمرة، إذ يرتقي الأطفال وتحرق النساء ويقتل الرجال، وتهوّد القدس، ويئنّ الأقصى، ويغلق الحرم الإبراهمي، ويحاصر مهد السيد المسيح بسياج استيطاني ليرحل الأهل هناك.
وتحدث شعبان عن نسبة كبيرة من أرض فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، وقال إنّ كلّ الحكومات السابقة تعمل على المشروع الاستيطاني، فصودرت الأرض، ووصلنا إلى هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، حيث توسيع المستوطنات، وشرعنة البؤر الاستيطانية غير الشرعية، التي تريد الفلسطيني إما ميتًا أو خارج الأرض أو يعمل عبدًا في المستعمرات، وهو ما تنفّذه كلّ الحكومات الإسرائيلية، فاستغلت الحكومة انشغال العالم بما يجري في قطاع غزة من تحويع وإبادة، واستفردت بالضفة الغربية والقدس، وأطلقت العنان لفكر الاحتلال كتنظيم إرهابي يعيث فسادًا في الأرض، ويحرق ويدمر في الضفة الغربية، لافتًا إلى أكثر من 190 مستوطنة قائمة، وهدف السيطرة على دونمات كثيرة، منها المراعي وينابيع المياه، لجعل القرى غير قادرة على العيش والاستمرار في هذه المناطق، حيث البيئة القسرية الطاردة، والتجمعات التي تم تهجير أهلها، مقدمًا إحصائيات هائلة وذات دلالة في ذلك.
وتحدث شعبان عن موضوع تقسيم الضفة الغربية إلى كنتونات ومعازل، بالفصل والبوابات الحديدية والحواجز العسكرية في الضفة الغربية، لكنّه أكّد قوة ومقدار اليقين الذي يعيش داخل الإنسان الفلسطيني، والشهداء لأجل فلسطين، فبالرغم مما مورس بحق الشعب الفلسطيني من إجرام، إلا أنّه لم يرفع الراية البيضاء منذ عام ثمانية وأربعين ولن يرفعها في المستقبل.
من جهتها، قدّمت الدكتورة علاعوض رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إيجازًا حول الوضع الديموغرافي في غزة وفلسطين، في بيان لأثر العدوان الإسرائيلي على الواقع الديمغرافي والاقتصادي في قطاع غزة.
وأشارت إلى 15 مليون فلسطيني خارج فلسطين وداخلها، وكذلك إلى عدد السكان في الداخل والخارج وتوزيعاتهم. ودللت عوض بالأرقام كيفية توزيع الأرض والسكان، لافتةً إلى قطاع غزة الذي يتميّز بأعلى كثافة سكانية على مستوى العالم، حيث مر القطاع بعدوان إسرائيلي بشع لم يسبق له مثيل.
وأشارت عوض إلى المحافظات وقطاع غزة، والمجتمع الفتي في غزة، وتوزيع الشهداء حسب فئات العمر.
وقالت إنّه وفي ظل حجم الاستهداف الكبير في الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة واستمرار العدوان، ارتفع مستوى الفقر والجوع، وأعلن مؤشر المجاعة، حيث وصل إلى أقصى حد في القطاع، محذرةً من تدمير الواقع الصحي والتعليم، ما ينذر بانتشار العديد من الأوبئة بمستويات قياسيّة.
كما حذرت من ابتلاع الأراضي الزراعية، ومستويات النزوح، بواقع 2 مليون فلسطيني، وكذلك معدلات البطالة، وانعدام الأمن الغذائي، والمستوى الكارثي في ذلك، والحرمان من الحقّ في التعليم، أمام القصف المستمر للمنازل، وتدمير الرعاية الصحية في ظلّ هذا العدوان.
بدورها، تحدثت الدكتورة ولاء بطاط أستاذة الإعلام والباحثة في قضايا الطفل عن معاناة أطفال فلسطين وقضيتهم وتحدياتهم، ملقيةً الضوء على قصص إنسانية حزينة، بأسلوب مؤثر، في خضمّ الألم والمعاناة التي ألمّت بالأطفال، بسبب الجوع والقتل والبرد والنزوح.
وقالت " نحن في فلسطين نكره الأرقام، ونكرهها بعد هذه الحرب الغاشمة على أرضنا.. ولكل طفل في فلسطين حكاية، وهو على الصعيد السياسي حياة، ويمثل حياة لوالديه أيضًا.. فلا يتم بناء الدولة إلا من خلال بناء الطفل..".
وتحدثت بطاط عن قصص لأطفال عاشوا ظروفًا قاسية وصعبة، منهم من نجا وحمل هموم من غابوا، ومنهم من مات دون تحقيق ما يصبو إليه من أحلام.