قراءة في خطوات مجلس النواب الأولى


كتب - د. هايل ودعان الدعجة 
قد لا يحتاج المراقب أو المتابع للمشهد النيابي للكثير من الوقت، ليضع تصوره عن الكيفية التي سيكون عليها أداء مجلس النواب الحالي، وتقييمه والحكم عليه، عبر قراءة بسيطة لبعض الخطوات الأولى التي خطاها مستهلا بها عهده الجديد. فبعد الأجواء التي سادت انتخابات رئاسة المجلس والكيفية التي جرت بها، والتي تمخضت عن فوز مرشح تيار الوسط الذي يشكل الغالبية على مرشح جبهة العمل الإسلامي النيابية وبفارق كبير جدا، جاءت الخطوة التالية التي قادها تيار الوسط أيضا، والتي تمثلت بالتوافق على اختيار أعضاء لجان المجلس الدائمة وعددها 20 لجنة بشكل غير مسبوق في إشارة إلى أن المجلس بات تحت سيطرة هذا التيار واصطبغ بلونه، بصورة دفعت التيار الإسلامي إلى المشاركة بهذه الهندسة التوافقية ربما مرغما، خوفا من خروجه من معركة اللجان خالي الوفاض، وهو احتمال وارد خاصة بعد خسارة مرشحه للرئاسة وبفارق شاسع.
الأمر الذي يرى البعض بأنه سينعكس أيضا على علاقة المجلس بالحكومة، التي قد لا تجد هناك أي صعوبات أو عقبات قد تعترض طريق إقرار القوانين والتشريعات والسياسات التي ترغب بتمريرها، وكذلك حصولها على الثقة، خاصة أن السمة الغالبة على هذا التيار أن معظم عناصره - كما يرى هذا البعض أيضا - من خلفيات وميول رسمية. ولكن إلى أي مدى يمكن أن تنعكس هذه الأجواء التي تخيم على المشهد النيابي الحالي على منظومة التحديث ومخرجاتها، وهل يمكن القول بانها تخدم أو تسير وفقا لخريطة الطريق التي رسمتها هذه المخرجات، وانها تمهد للوصول للغاية النهائية منها، ممثلة بالحكومات الحزبية.
 
 
Ad 
 
Unmute

إن الإجابة على هذا التساؤل قد تسير في اتجاهين، الأول ينطوي على مسار إيجابي عزز من حضوره مرشح التيار الإسلامي الذي تسبب بالتوافقات والتفاهمات بين أحزاب تيار الوسط على مرشحهم لخوض انتخابات رئاسة المجلس من بين عدة مرشحين ومن نفس التيار كانوا قد أعلنوا نيتهم عن خوضها، وذلك رغم بعض الحساسيات والصراعات الشخصية بينهم. الأمر الذي قد ينظر اليه بأنه سيكرس من النهج الديمقراطي الإصلاحي تحت القبة في ظل هذا الفرز الحزبي حتى وإن طغى عليه اللون الواحد، بصورة ستكون مقبولة للمراقبين والمتابعين، كونه يجسد المحطة النيابية الأولى في مسار الحكومات الحزبية التي يراهن الأردن على إنجازها وإنضاجها خلال ثلاثة مجالس نيابية. وأن هذه المحطة الأولى، حتى وإن اعترى طريقها بعض الملاحظات والسلبيات على لونها الواحد، الا أنها قد تعطي المواطن (الناخب) فكرة أو تقنعه بأهمية العمل الحزبي البرامجي المؤسسي، الكفيل بالارتقاء بأداء مجلس النواب الى مستوى متطلبات منظومة التحديث ومخرجاتها. 
اما الاتجاه الثاني فقد انطوى على مسار سلبي أساسه نظرة المواطن (التقليدية) للكيفية التي يفترض أن تكون عليها علاقة مجلس النواب بالحكومة، حتى يقتنع بأن المجلس يمثله تمثيلا حقيقيا، وانه يمارس دوره التشريعي والرقابي تماهيا مع هذه النظرة، وبعيدا في الوقت نفسه عن الحسابات والاعتبارات الشخصية، والميول الرسمية كسمة غالبة على تركيبة تيار الوسط الحزبية التي قد تؤثر سلبيا على ممارسته لهذا الدور الدستوري، بطريقة قد تجعله يفترض أن لا فرق بين أداء مجلس النواب العشرين وبين أداء المجالس السابقة.