رئيس بلدية الكرك المعايطة يكتب عن الوطن والعشيرة وبيانها

كتب المهندس محمد عبدالحميد المعايطة 

نحنُ: الوطن والعشيرة، لم يكن لديّ أي نية للتعليق على الحدث ولا على بيان من أسموا أنفسهم عشيرة المعايطة، لأن الحدث جلل ومؤسف ومدان بكل أشكاله وعناوينه، ولأن قناصي الفرص موجودون في كل زمان ومكان وكل عشيرة ومدينة.

ولكن ما جعلني اكتب، أمران؛ الأول أنني قرأت المديح الكبير للحكومة على قرارها بتخفيض رسوم الجمارك على السيارات الكهربائية في بعض الصحف، رغم أنني قرأت في نفس الصحف وللصحفيين أنفسهم قبل شهرين فقط مديحاً أكبر للحكومة السابقة لرفعها رسوم الجمارك على ذات السيارات، هذا هو الأردن الذي يريدون أن يفرضوه علينا، أن نكون ببغاوات؛ نسحج ونردد ما يقال لنا (وأتذكر قول صديق محترم وصادق وصاحب خلق كان في الجماعة قال لي نريدك مسحجاً ونفتح لك الأبواب). الامر الثاني الذي فرض علي الكتابة هو مئات الاتصالات التي تلقيتها من أبناء عشيرة المعايطة متسائلين عن سبب عدم استشارتهم في إصدار البيان، حيث أن لهم رأي في ذلك، واعتقدوا عاتبين بأنني مشارك في ذاك البيان وأصروا عليّْ بضرورة الإفصاح عن رأيي.

وبالعودة إلى العنوان؛ الوطن والعشيرة، نعرف الأسباب والعقلية والنهج الدارج لمثل هذه البيان، ولا أريد الدخول إليه وفيه، فأنا لست ضد ما جاء في البيان لكن لدي رأي وإضافات.

الرأي، أننا في وطن وليس مطلوبا من كل عشيرة أن تثبت ولاءها وانتماءها عند كل حدث يقوم به أحد أفرادها، فالحدث قام به مواطن أردني لم يستشر كبيراً ولا صغيراً، لا في عائلته الصغيرة ولا الكبيرة، وعمله هو من يتحمل نتيجته لا غير، وعلينا أن نعلي مدماك انتمائنا في مثل هذه الظروف الصعبة والمواقف القاسية للوطن ليس غير.

أما الإضافات فعلينا أن نقول ما يمليه علينا شرعنا وضمائرنا ومصلحة الوطن ، فالدين والانتماء والصداقة هي النصيحة.

كيف ذلك ؟

في البداية كان على اصحاب البيان، إن كانوا معايطة، أن يشدوا عضد ابنهم والد المتوفي، فمصيبته أكبر من مصيبتنا كعشيرة، ونواسيه بكلام طيب وهو من نعرف خلقه وانتماءه وإخلاصه لوطنه واستعداده للتضحية بكلّ غالٍ ورخيص في سبيل وطنه، وهو أشدّ منّا إدانة لأي عمل تخريبي يستهدف الوطن ورجال الأمن وقواتنا المسلحة ولا نقبل مزاودة على مواقفه وانتمائه.

كان على من كتب البيان أن يتساءل، من أوصل أبناءنا إلى هذا الدرك الاسفل من التطرف والإحباط واليأس والمخدرات؟

هل نحن عشيرة المعايطة أصحاب القرار في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتطبيق الدستور وسيادة القانون والعدالة وإفشاء الحريات العامة ؟

علينا أن نقول أن حادث الفنادق عام ٢٠٠٥ هو الحادث الارهابي التقليدي الوحيد الذي فَجعنا، وما عداه فُجعنا بحوادث ارهابية غير تقليدية كان أحد اسبابها الرئيسية النهج السياسي للدولة الاردنية، فغياب الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وغياب سيادة القانون والعدالة والنزاهة والشفافية والفرص الوظيفية والمحاسبة واستخدام التعسف في السلطة والحلول الامنية وقطع الأرزاق (لولا الآباء الأموات رحمهم الله لكنت احد ضحايا التطرف) أدى إلى انجراف أبنائنا إلى التطرف والارهاب والمخدرات.

من يمنع ويُفشل العمل الجماعي داخل الأحزاب والنقابات حتى داخل العشائر ويرفض تعزيز الهوية الوطنية الجامعة للأردنيين ويعزز الانتماءات العصبية والمناطقية والطائفية ويعظم من نهج الخلاص الفردي (مسحجين ومخبرين) بدل الخلاص الجماعي ويرفض الحوار والتفاهم وقبول الآخر ويقمع حرية الرأي والتعبير هو من يجرّ أبناءنا للتطرف والارهاب، هذا النهج الذي لا يسمح بوجهة نظر مغايرة لنظرته لأنه يريدنا شعب من الببغاوات.

من يقدم ويقرب ويدعم اصدقاء تجار المخدرات للمواقع المتقدمة في الدولة، ويزوّر الانتخابات لتجار المخدرات ويفتح لهم واسع الأبواب لهذه التجارة والشواهد عديدة ومن لا يطبق القانون بحقّ تجار المخدرات هو من يأخذ أبناء الوطن ويشجعهم ويهيئ لهم السبل والوسائل والطرق للتعاطي مع المخدرات ومن المؤكد أن النتائج معروفة.

ونتساءل إذا كانت كلّ هذه القيود والجرائم والأسبقيات على منفذ العملية لماذا لم يعتقل قبل ان يقوم بهذا العمل الذي لا نقبله وندينه ؟

وآخر الأسباب لمثل هذه الحوادث المؤسفة على أصحاب القرار أن يعترفوا بأنه بات لدينا أكثر من الترهل الإداري في هذا الوطن، وغابت عنا حكمتنا وحرفيتنا ومهنيتنا التي كنا نباهي بها دول كثيرة.