خِطَابُ العَرْشِ وَتَعْزِيزُ الثَّوَابِتِ الوَطَنِيَّةِ
جَاءَ خِطَابُ العَرْشِ السَّامِي، الَّذِي افْتَتَحَ بِهِ جَلَالَةُ المَلِكِ عَبْدُ اللَّهِ الثَّانِي الدَّوْرَةَ العَادِيَّةَ الأُولَى لِمَجْلِسِ الأُمَّةِ العِشْرِينَ، مَفْعَمًا بِالرُّؤَى العَمِيقَةِ وَالعَنَاوِينِ البَارِزَةِ الَّتِي تَمَيَّزَتْ بِهَا خِطَابَاتُ جَلَالَتِهِ. وَقَدْ أَكَّدَ جَلَالَتُهُ، كَعَادَتِهِ، عَلَى ضَرُورَةِ تَعْزِيزِ الثَّوَابِتِ الوَطَنِيَّةِ وَتَرْسِيخِ مَسَارِ دَوْلَةِ المُؤَسَّسَاتِ القَادِرَةِ عَلَى التَّقَدُّمِ وَالازْدِهَارِ، مِنْ خِلَالِ نَهْجٍ مَتِينٍ وَوَاضِحٍ يُعْلِي سِيَادَةَ القَانُونِ، وَيَضَعُ المُشَارَكَةَ السِّيَاسِيَّةَ العَادِلَةَ فِي طَلِيعَةِ الأَوْلَوِيَّاتِ.
لَقَدْ جَاءَتْ رُؤْيَةُ جَلَالَتِهِ وَاضِحَةً لا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ، مُسْتَنِدَةً إِلَى الإِيمَانِ العَمِيقِ بِأَنَّ الأُرْدُنَّ قَادِرٌ بِإِمْكَانَاتِهِ عَلَى تَحْقِيقِ التَّغْيِيرِ الإِيجَابِيِّ وَالتَّطْوِيرِ نَحْوَ مُسْتَقْبَلٍ أَكْثَرَ إِشْرَاقًا. كَمَا شَدَّدَ الخِطَابُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ سِيَادَةِ القَانُونِ كَرُكْنٍ أَسَاسِيٍّ، وَالنَّهْجِ المُؤَسَّسِيِّ كَسَبِيلٍ لِتَعْزِيزِ التَّعَدُّدِيَّةِ السِّيَاسِيَّةِ، بِمَا يَضْمَنُ لِلْمُوَاطِنِينَ حُقُوقَهُمْ الدُّسْتُورِيَّةَ، وَيُتِيحُ لَهُمْ حُرِّيَّةَ التَّعْبِيرِ المَسْؤُولَةَ، فِي إِطَارٍ مِنَ العَدَالَةِ وَالإِنْصَافِ.
وَأَشَارَ جَلَالَتُهُ إِلَى المَسْؤُولِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ وَالقَوْمِيَّةِ الوَاعِيَةِ الَّتِي يَتَحَلَّى بِهَا الأُرْدُنُّ، مُؤَكِّدًا أَنَّ حِكْمَةَ القِيَادَةِ وَصُمُودَ الشَّعْبِ الأُرْدُنِيِّ اسْتَطَاعَا تَذْلِيلَ العَقَبَاتِ وَالتَّحَدِّيَاتِ. وَرَغْمَ الظُّرُوفِ المُحِيطَةِ، ظَلَّ الأُرْدُنُّ أُنَمُوذَجًا يُحْتَذَى بِهِ فِي الأَمْنِ وَالاسْتِقْرَارِ، مِمَّا أَتَاحَ لَهُ المُضِيَّ قُدُمًا بِخُطًى ثَابِتَةٍ لِتَعْزِيزِ مَسَارَاتِ الإِصْلَاحِ الشَّامِلِ وَالتَّحْدِيثِ السِّيَاسِيِّ وَالاقْتِصَادِيِّ وَالإِدَارِيِّ.
تُعَبِّرُ الرُّؤْيَةُ المَلَكِيَّةُ الطَّمُوحَةُ عَنِ الثِّقَةِ الرَّاسِخَةِ بِجِهَازِ البَرْلَمَانِ، حَيْثُ أَكَّدَ الخِطَابُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الدَّوْرِ التَّشْرِيعِيِّ وَالرِّقَابِيِّ لِمَجْلِسِ النُّوَّابِ، بِاعْتِبَارِهِ عِمَادَ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَمُمَثِّلَ الشَّعْبِ. كَمَا دَعَا جَلَالَتُهُ إِلَى تَمْكِينِ الدِّبْلُومَاسِيَّةِ البَرْلَمَانِيَّةِ، لَا سِيَّمَا فِي دَعْمِ القَضَايَا الوَطَنِيَّةِ وَالإِقْلِيمِيَّةِ، وَعَلَى رَأْسِهَا القَضِيَّةُ الفِلَسْطِينِيَّةُ.
**رَكَّزَ الخِطَابُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ الإِنْجَازَاتِ الَّتِي حَقَّقَهَا الأُرْدُنُّ فِي مَسِيرَةِ الإِصْلَاحِ رَغْمَ التَّحَدِّيَاتِ. وَشَدَّدَ عَلَى العَلَاقَةِ التَّشَارُكِيَّةِ بَيْنَ البَرْلَمَانِ وَالحُكُومَةِ، بِمَا يَتَوَافَقُ مَعَ الدُّسْتُورِ وَيُعَزِّزُ المَصْلَحَةَ
رَكَّزَ الخِطَابُ عَلَى ثِمَارِ مَسِيرَةِ الإِصْلَاحِ
رَكَّزَ خِطَابُ العَرْشِ السَّامِي عَلَى ثِمَارِ مَسِيرَةِ الإِصْلَاحِ الَّتِي أَنْجَزَهَا الأُرْدُنُّ، رَغْمَ التَّحَدِّيَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالخَارِجِيَّةِ. وَقَدْ شَدَّدَ جَلَالَتُهُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ العَلَاقَةِ البَنَّاءِةِ بَيْنَ البَرْلَمَانِ وَالحُكُومَةِ، بِمَا يَنْسَجِمُ مَعَ القَاعِدَةِ الدُّسْتُورِيَّةِ الَّتِي تَحْفَظُ لِكُلِّ سُلْطَةٍ دَوْرَهَا، تَحْتَ مِظَلَّةِ المَصْلَحَةِ الوَطَنِيَّةِ العُلْيَا. كَمَا تَنَاوَلَ جَلَالَتُهُ تَعْزِيزَ مَسَارَاتِ التَّحْدِيثِ السِّيَاسِيِّ وَالاقْتِصَادِيِّ وَالإِدَارِيِّ، لِضَمَانِ تَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ المُسْتَدَامَةِ، وَالارْتِقَاءِ بِجَوْدَةِ الخَدَمَاتِ المُقَدَّمَةِ لِلْمُوَاطِنِينَ.
بِهَذَا الشَّأْنِ، نَرْفَعُ قُبَّعَاتِنَا تَقْدِيرًا وَاحْتِرَامًا وَإِجْلَالًا لِلْجُهُودِ العَظِيمَةِ الَّتِي بَذَلَهَا جَلَالَتُهُ لِصَالِحِ القَضِيَّةِ الفِلَسْطِينِيَّةِ، إِذْ اسْتَطَاعَ بِحِنْكَتِهِ وَبَرَاعَتِهِ فِي بِنَاءِ عَلَاقَاتِ صَدَاقَةٍ مُثْمِرَةٍ مَعَ الدُّوَلِ المُؤَثِّرَةِ عَلَى السَّاحَتَيْنِ الإِقْلِيمِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ. وَقَدْ تَمَكَّنَ عَبْرَهَا مِنْ إِعَادَةِ الزَّخَمِ لِصَالِحِ القَضِيَّةِ، نَاهِيكَ عَنْ نَجَاحِهِ فِي تَشْكِيلِ مَوْقِفٍ دَوْلِيٍّ مُسَانِدٍ لِأَهْلِ غَزَّةَ، الَّذِينَ يَقَعُونَ تَحْتَ انْتِهَاكَاتٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ طَالَتِ الإِنْسَانَ وَالأَرْضَ.
لَفَتَ جَلَالَتُهُ الانْتِبَاهَ إِلَى أَهَمِّيَّةِ دَوْرِ الأَحْزَابِ فِي تَحْقِيقِ الأَهْدَافِ الوَطَنِيَّةِ، مُشَدِّدًا عَلَى ضَرُورَةِ تَوْسِيعِ مُشَارَكَةِ المَرْأَةِ وَالشَّبَابِ فِي الحَيَاةِ السِّيَاسِيَّةِ. وَيُجَسِّدُ هَذَا إِيمَانَ جَلَالَتِهِ العَمِيقَ بِالقِيمَةِ العَظِيمَةِ لِدَوْرِ هَاتَيْنِ الفِئَتَيْنِ فِي بِنَاءِ مُسْتَقْبَلٍ مُشْرِقٍ لِلوَطَنِ. فَالمَرْأَةُ رَكِيزَةُ النَّهْضَةِ، وَالشَّبَابُ طَاقَةُ الأُمَّةِ وَمِفْتَاحُ الإِبْدَاعِ.
أَفْرَدَ جَلَالَتُهُ حَيِّزًا كَبِيرًا لِرُؤْيَةِ التَّحْدِيثِ الاقْتِصَادِيِّ، الَّتِي تَقُومُ عَلَى تَعْزِيزِ مُعَدَّلَاتِ النُّمُوِّ، وَاسْتِثْمَارِ الإِمْكَانَاتِ المَحَلِّيَّةِ. وَقَدْ أَكَّدَ عَلَى ضَرُورَةِ مُوَاجَهَةِ التَّحَدِّيَاتِ الَّتِي تُعِيقُ القِطَاعَ العَامَّ، وَذَلِكَ بِمُحَارَبَةِ الفَسَادِ وَالبِيرُوقْرَاطِيَّةِ، لِتَقْدِيمِ خَدَمَاتٍ نَوْعِيَّةٍ تُحَقِّقُ الأَهْدَافَ الوَطَنِيَّةَ المَنْشُودَةَ.
إِنَّ رُؤْيَةَ جَلَالَتِهِ لِلتَّحْدِيثِ الاقْتِصَادِيِّ تَضَعُ عَلَى عَاتِقِ النُّوَّابِ مَسْؤُولِيَّاتٍ جَسِيمَةً، فِي إِطَارِ دَوْرِهِمُ الدُّسْتُورِيِّ بِالتَّشْرِيعِ وَالرِّقَابَةِ. وَيَتَطَلَّبُ ذَلِكَ العَمَلَ بِجِدِّيَّةٍ وَإِخْلَاصٍ لِتَحْقِيقِ أَجْنِدَةٍ وَطَنِيَّةٍ تُسَاهِمُ فِي تَخْفِيضِ نِسَبِ البِطَالَةِ وَالفَقْرِ، وَتَعْزِيزِ النُّمُوِّ الاقْتِصَادِيِّ، بِمَا يُحَقِّقُ الرَّخَاءَ وَالاسْتِقْرَارَ لِلْمُوَاطِنِينَ.
خاتمة
إِنَّ خِطَابَ العَرْشِ السَّامِي لَيْسَ مُجَرَّدَ كَلِمَاتٍ تُلْقَى، بَلْ هُوَ خَارِطَةُ طَرِيقٍ وَاضِحَةٌ تُعَبِّرُ عَنْ رُؤْيَةٍ مَلَكِيَّةٍ طَمُوحَةٍ، تَسْعَى لِبِنَاءِ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ لِلأُرْدُنِّ. وَعَلَى الجَمِيعِ، مُؤَسَّسَاتٍ وَأَفْرَادًا، العَمَلُ بِرُوحِ الفَرِيقِ الوَاحِدِ لِتَرْجَمَةِ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ إِلَى وَاقِعٍ مَلْمُوسٍ، يُحَقِّقُ الوَطَنَ الطَّمُوحَ وَيَفْتَحُ آفَاقًا لِلرُّقِيِّ وَالازْدِهَارِ.