العربي وتخندقه مع الألم.. سننجح بالخروج وإن طال الزمن

كتب - عدنان نصار 

لست بصدد الحديث عن العوامل التي وضعت الإنسان العربي في خندق الألم ، فهي عوامل كثيرة ، وأسبابها مقنعه ، بحيث تمكنت هذه العوامل من توسيع دائرة الإرباك للعربي حتى راح ينتظر الفرج من بشقيه (الإلهي) أو فرج من لدن اصحاب المقامات. على نحو يعيد لاعربي بصيص أمل للإطمئنان على مستقبله في ظل حراك سياسي عالمي بقيادة أمريكية تستهدف الإنسان العربي والأرض العربية ..وتخطت ذلك بمحاولات لتغيير كل مسار كتب التاريخ العربي المتصل بكرمه وفروسيته وأخلاقه وعدالته وإيمانه بالسلم والقيم الإنسانية النبيلة ، وهي بلا شك محاولات تستهدف النيل من العربي بكل متعلقاته الإرثية ومعلقاته الأدبية والسياسية .

امام هذه الحالة من اليأس العربي ، والصمت الرسمي تمنح دول غربية عظمى الإذن لرئيس حكومة الإحتلال بالمضي نحو تعديل تموضع "الشرق الأوسط” وإعادة رسم إحداثياته بما يتفق مع الحلم الصهيوني بالتوسع و”تكبير دولته الإحتلالية” برؤى سياسية مريضة ، مستندا على القوة المفرطة في الإجرام ، مستمدا للدعم من السياسة الأمريكية ورئيسها بايدن  الذي يجهز حقائبه لمغادرة البيت الأبيض..

الرؤى الجديدة للإحتلال بالتمدد ، لم تكن سوى إنعكاس للصمت العربي الرسمي الذي عجز عن وقف عدوان غاشم على الابرياء في قطاع غزة ،كما عجزت جامعة الدول العربية في صمتها المضاف على الصمت العربي من فعل اي شيء لغزة أو لبنان ، وهي أي جامعة الدول ، البيت الذي يأوي اليه العرب وحصنها المنيع ، لتحصين موقفهم ودفاعهم عن الأرض والهوية والتاريخ ..لكن .؟!

اليأس العربي ، لا بد له من الخروج من دائرة لم يكن له علاقة برسمها ، أو خلق عواملها ..وسيخرج العربي حتما من هذا الإرتباك بشكل مباغت لم يخطر ربما على خاطر أحد من الساسة ، لأن ما وصلنا اليه من مخاطر لم يعد بالإمكان السكوت عنه عربيا للمخاطر العديدة التي تحيط بالعرب آجمعين .

تمرد الإحتلال ، وعنجهيته وصلفه وإجرامه ، في غزة ولبنان وما سبق ذلك من تراكمات عدوانية دموية ، سيعجل من نهضة الشعوب العربية ويضعها أمام مسؤولياتها المصيرية ..أذ لا يعقل ان عداد الشهداء في غزة بإرتفاع كل يوم يقابله صمت عربي ، وجرحى وضياع على يد الضباع من جند الاحتلال يقابله صمت عربي ..وتدمير مماثل في لبنان يقابله صمت عربي ..تجويع يقابله صمت عربي ..حتى "أبو جهل” رفض إستخدام سياسة التجويع ضد خصومه ، ما يعني ان الفروسية والأخلاق من قيم العرب حتى في الحروب ..فأي خلق يحكم ساسة الإحتلال ..وأي فروسية تحكم الصمت العربي .؟!

بإعتراف تقارير دولية أشارت أمس الى ان 70%من شهداء غزة هم من النساء والأطفال ..عن أي بطولة زائفة يتحدث نتنياهو وبأي قيم يتسترون..

العوامل التي وضعت الإنسان العربي في خندق الألم ، ستزول وسيزول معها مسببات الصمت العربي الرسمي ، وستنهض الأمة من جديد لترسم هي إحداثيات "الشرق الأوسط” الجديد ..شرق أوسط بمعايير عربية ناهضة ، توقف مسلسل الخيبات على المنصات العربية الرسمية ، وتعيد نتاج قدرات العرب الحقيقية ..قدراته التي سطرها التاريخ ، وحفظتها الأمم منذ نشوء العربية ..إعادة نتاج البسالة لمواجهة عالم يضمر الشر للعرب ..الشر للهوية العربية والقيم العربية وللدين العربي بكل معتقداته وللتاريخ العربي ، والجغرافيا العربية ..سننجح ذات يوم ، وإن طال الزمن.

كاتب وصحفي اردني..