الوضع المتأزم بصراع الصواريخ فوق الشرق العربي إلى أين؟


كتب - كريستين حنا نصر
      نظرة  الى الوضع الحالي الذي نعيشه في منطقة الشرق العربي اليوم، وبالاخص تفاقم الصراع في غزة بين اسرائيل وحماس، وبالشكل الذي توسعت معه التداعيات في سوريا والعراق ولبنان، واثرت على الدول المجاورة التي أصابها تأثير واضح جراء مجريات هذا الصراع، بالرغم من أنها لم تدخل فعلياً في الحرب الدائرة، وهذا يتضح في الضربات الصاروخية التي تُرشق في أجواء العديد من البلدان العربية، نتيجة لتبادل القصف الصاروخي بين اسرائيل وايران، يظهر في المنطقة اليوم التهديد المتبادل بين اسرائيل وايران، وفي وقت أصبحت الدمار والصواريخ فوق الدول العربية ، المتأثرة وسط كل هذه التطورات المتلاحقة، وللأسف مؤخراً نسمع ونتابع تهديد من قبل ايران بالرد بضربات صاروخية على اسرائيل، وسط تصريحاتها وميليشياتها باستخدام الاراضي العراقية لاطلاق هجماتها الصاروخية، حيث نصبت في اراضيها الصواريخ لضرب اسرائيل مستخدمة المجال الجوي العراقي أيضاً.
من الواضح الهيمنة الايرانية على السيادة العراقية واستغلال اراضيها لهجمات مستقبلية  تهدد بها ضد اسرائيل ، والسؤال المهم هو أين العراق من هذه الصواريخ المتبادلة بين الطرفين ( الايراني والاسرائيلي)، وهل لديه فعلاً الخيار بمنع استخدام واستغلال اراضيه من قبل ايران؟، من الواضح للعيان ان ايران تتبجح في استغلالها وحريتها في استخدام الاراضي العراقية، بهدف تحرير القدس كما تعلن دائماً، ولو كان العراق دولة قوية له سيادة فعلية فهل كان بمقدور اي دولة ان تقوم بانتهاك صارخ لاراضيه واجوائه؟، وبالتالي نتساءل العراق الى أين وهو للاسف لا يستطيع أن يفعل شيئاً حيال هذه الانتهاكات والتعديات الايرانية، من هنا يأتي سؤال اخر وهو هل تستطيع ايران أن تبسط سيطرتها أكثر وأكثر على العراق والبلدان العربية التي تتواجد فيها المليشيات المؤيدة لها والمدعومة منها، وفي ظل هذه الاوضاع والمعطيات العصيبة،  ووسط هذا الصراع المحتدم القائم وبحجة تحرير الاقصى والقدس وفلسطين؟، واين دول المشرق العربي من كل هذه التحولات؟، وما قدرتها على بسط سيادتها الفعلية على اراضيها؟
 مؤخراً نشاهد وكلاء ايران يزعمون أن ايران ستعود بقوة مجدداً للمنطقة العربية واراضيها، وهي رافعة راية تحرير القدس ونصرة أهل غزة، وتعيد هيمنتها وقوتها على منطقة المشرق العربي؟، أرض سوريا ولبنان والعراق هم اليوم فقدوا سيادتهم واصبحوا عرضة لاستمرار الاستغلال الايراني، ومسرحاً للضربات الايرانية وردها على اسرائيل، وللاسف لبنان هي الاخرى أيضاً منذ أن أصبحت وبعد اسابيع من السابع من اكتوبر عام 2023م مسرحاً لما يسمى وحدة الساحات،  وبعد أن دُمر وقتل شعبه ، اصبح من الواضح أن ايران التي تدعم حزب الله قبل وبعد السابع من اكتوبر هي الان المسيطرة على سيادة لبنان، ولكن حتى الان لم يتمكن الشعب اللبناني من انتخاب رئيس للبلاد، وما يدور هو مجرد كلام وعبارات ووعود في الهواء للاسف، ولم تتمكن الدولة اللبنانية من فرض وتنفيذ القرار الاممي رقم (1701)، والذي لم تتوقف عن الحديث عنه وعن ضرورة تنفيذه، ولكن لم تتمكن عملياً من فرضه ظناً منها أنها استعادت سيادتها الكاملة، ولكن من الواضح وعلى الواقع أن لاسيادة لها، والمتحكم الفعلي هي ايران.
ورغم تفكيك حزب الله الا أن لبنان للان تحترق والجنوب بشكل خاص يحترق بشكل أكثر ، والاجتياح والوجود الاسرائيلي في جنوب لبنان ، والصواريخ فوق لبنان متبادلة بين الطرفين وفوق رؤوس الشعب اللباني العربي المشرد والمهجر من بيوته، وأهل الضاحية الجنوبية في معاناة كبيرة وايران لم تنصفهم وهم في الملاجىء وفي المناطق المسيحية في جبل لبنان والبعض هرب الى سوريا ، ولاسيادة للدولة اللبنانية ،   ولا حتى في قدرة لبنان على اي قرارات حاسمة بل فقط مجرد كلام في الهواء دون فائدة مرجوة ودون ملامح سلطة وسيادة صاحبة ارادة، وايران في لبنان هي سيدة الموقف بينما لبنان هي من يدفع الثمن، والسؤال الى متى يبقى الشرق العربي في هذا الوضع المأساوي؟
غزة والوضع الفلسطيني الآني أو الحالي الى أين بعد السابع من اكتوبر؟، اجتماعات هنا وهناك لوقف الحرب ودون جدوى وحلول ونتائج ملموسة لنصرة أهل غزة، الذين يدفعون وحدهم الثمن في هذه الصراعات بين حماس واسرائيل، وهذا الصراع تسبب في دمار غزة وبشكل شبه كامل، والان غزة شبه مدمرة ومعدومة وللاسف حماس  والسلطة الفلسطينية ما زالوا في حالة صراع آخر من نوعه، صراع سياسي والى الان لم يتفقوا ويتوصلوا الى اجماع حول من سيتولى ادارة غزة بعد كل ما تعرضت له من دمار، مأساة حقيقية فلا اتفاق ولا تقدم في المفاوضات والخلافات قائمة بينهم، والشعب يموت وصوت الصواريخ المتبادلة فوق رؤوسهم.
المملكة الاردنية الهاشمية لم تتوقف عن اسناد ودعم الشعب في غزة ، وتقديم المساعدات والمستشفيات الميدانية لاغاثة الشعب المنكوب في غزة  ، وفي الوقت نفسه السعودية تعلن اطلاق تحالف دولي لتنفيذ حل الدولتين ومساعي حثيثة لتطبيقه ، وفي الوقت نفسه اسرائيل صرحت أنها لا تقبل بحل الدولتين ،  فهل سوف تنجح المساعي لحل الدولتين والسعي من أجل حل السلام واعادة الامن في المنطقة وضمان السلام العالمي، وايضاً في الوقت نفسه الدول العربية الان في وضع راهن متأزم، تنتظر نتائج الانتخابات الامريكية وبالتحديد من سيفوز بالوصول الى البيت الابيض ، هاريس هي الآن ضمن السياسة الحالية للمنطقة باعتبارها نائب الرئيس الامريكي الحالي ، أما دونالد ترامب الذي اذا وصل الى البيت الابيض فقد صرح انه سوف يبذل جهده من أجل احلال السلام والامن والاستقرار، ويوجد له برنامج لاعادة اعمار لبنان والمناطق المدمرة في الشرق العربي جراء هذه الحروب المشتعلة ، ولكن مع وقبل وحتى بعد الانتخابات الامريكية فان الدول العربية الى الان لا تعرف مصيرها المتعلق دائماً بالتطورات والتغيرات العالمية وما حولها من قوى مؤثرة ومهيمنة وتنتظر كما يقال بالمثل ( طاقة فرج)، تنتشلها وتنقذها من الوضع الحالي من وسط الصراعات في سوريا ولبنان والعراق وغزة ، وللاسف الاوضاع على حالها وبالاخص القوى الاكبر منها تسيطر وتهيمن على قراراتها السيادية .
الصواريخ اليوم تتأرجح وتتساقط ولا حيلة للاسف لهذه الدول في إمكانية تغيير الوضع الحالي ، والسؤال نحن في الشرق العربي الى اين ؟ والان هذه البلدان دمرت وشرد أهلها ولم تمر من قبل بمثل هذه الفترة العصيبة والحساسة والمصيرية ، بل هي في حال يمكن وصفه بالمراحلة الاسوأ والاحوال الاقتصادية الصعبة للغاية ، والاكثر خطورة هو أن مصيرها مُبهم غير واضح ، فهل ستتعرض بعض الدول الى التقسيم  وهل سوف يحتل قسم منها ؟ ، لا أحد  يعرف الاجابة أو يستطيع ان يتنبأ بها ، شعوبنا في ظروف قاهرة وعصيبة تعاني من التشرد واللجوء والنزوح والجوع وفقدان المنازل والمأوى ، اضافة الى حالة التغييرات والتبدلات الديمغرافية الجارية ، خاصة في المناطق التي تعيش واقع الصراعات والحروب ، وبعد كل هذا الدمار والصواريخ التي تشعل سماء بلدان منطقتنا هل حررت فلسطين من قبل ايران  أو أحد الدول العربية المقاومة حتى الان ؟ غزة دمرت مع أهلها والكثير من الدول العربية ذاقت المصير نفسه مثل سوريا ولبنان والعراق المدمرة جميعها أيضاً، فهل نحن حقاً أمام مشهد تحرير فلسطين أم مشهد دمار البلدان العربية بحجة تحرير القدس، للاسف الوضع يزداد سوء وصعوبة ونحن الشعوب العربية ما زلنا نتعلق كما يقال بحبال من دخان أو هواء ومدمرين تحت عنوان وحجة تحرير القدس.
متى الشرق العربي وشعوبه سوف تتحرر من هذه الصراعات بما فيها العرقية التي قتلت بلداننا العربية وزادت من عمق جراحها، وارجعتنا عملياً للوراء اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وفي كافة النواحي المختلفة ، المواطن العربي يمر بظروف اقتصادية صعبة جراء ما يجري حوله من صراعات، فمتى سيكون موعد الخلاص من القيود والهيمنات التي تعصف بنا على مدى عقود ، وتعود بنا جميعاً الى الوراء ودون نتائج بالنصر الملموس الذي ما زال للاسف شعارات فقط.
سراب الانتصارات الهيلوودية ومتى سنستعيد سيادتنا وحريتنا وقرارانا نحن، بان نحدد متى نخوض الحروب والسلم وبايدينا العربية فقط، وليس تحت هيمنة الاخرين الذين لا يفكرون الا في مصالحهم وعلى حساب الشرق العربي وشعوبه واقتصاده المنهك ، اسئلة كثيرة تحتاج لوقفة جادة للاجابة عليها ، فهل الحل هو الحرب او السلام والانتعاش الاقتصادي وكرامة شعوبنا العربية .