هل هذا فريق حكومي متجانس؟!

كتب ـابراهيم عبد المجيد القيسي 

ليس من باب الشخصنة، ولا محاولة لتوجيه رأي مع أو ضد الحكومة الجديدة، التي ستشرع في حشد الثقة النيابية لتصبح حكومة دستورية تتمع بكامل الحق بالولاية العامة، وبالطبع سيتبلور برنامجها بعد أن نستمع لخطاب العرش السامي كفقرة دستورية رئيسية في انطلاق الدورة العادية الأولى لمجلس النواب 20.. لكن السؤال لإلقاء الضوء «من بعيد» على السمات العامة لشكل هذه الحكومة، والقيمة الفعلية التي أحاول تقصيها من وراء هذه الكتابة متعلقة برئيس الحكومة، جعفر حسان، الذي تدور بشأنه أحاديث كثيرة، جدلية، تقلل من النتائج الإيجابية المتوقعة من أداء حكومته، علما أن الشخصنة تسيطر على مساحة كبيرة من هذه الجدليات.

كل الأخبار القادمة من الحكومة، لا سيما تلك التي تتخذ من تصريحات الرئيس جعفر حسان عناوين لها، تبين أن الرجل وفي هذه المرحلة التي أعتبرها تحضيرية لانطلاق عمل حكومي، يبدأ فعلا بعد اليوم الأول للتصويت على الثقة، يسعى لتقديم أداء برامجي خططي واضح، وقابل للمساءلة من قبل كل الجهات المختصة، لا سيما الإعلام الوطني، الذي يطارد القيمة الوطنية في الإنجاز وفي تقديم حلول لمعضلات ويجابه تحديات معروفة، وهذا التوجه الحكومي على وجه التحديد، سبق وأن كتبت عنه في مقالتي السابقة، فرئيس الحكومة ليس قادما من خارج الحدث، بل هو موجود فيه ويدير الكثير من متطلباته ويملك عنه معلومة ورقما وتاريخا وخططا، ناقشها من خلال موقعه السابق وقدمها وتحدث عنها واستمع لرأي جلالة الملك فيها، وهو أكثر شخص يفهم التوجيه الملكي في هذه المرحلة، فالإنجاز المطلوب منه سيكون في نفس سياق الرؤى الملكية المتعلقة بالشأن الأردني العام، وقد تابعنا بعض تصريحات الرئيس الجديد وتوجيهاته لفريقه الوزاري، فكلها «عملية» ذات طابع إداري واضح، مكمّلة لمسيرة عرفناها في السنوات العشر الأخيرة، وكلها مترابطة، و»مرتبطة» ببرامج دولة، قطعنا فيها مسافات، ويجب أن أضيف بأنها مبنية على شراكات دولية وخارجية وداخلية «متعلقة بمؤسسات القطاع الخاص»، وكذلك فيها أداء متعلق بالتزام الدولة الأردنية بتوافقات واتفاقيات مع جهات كثيرة، وأغلبها ذو طابع إداري واقتصادي «تنموي».. وثمة جانب سياسي وأمني «ممتد» ولا يحتاج لأفكار جديدة أو تغييرات جذرية، فالدولة تبلي حسنا على هذا الصعيد، وكل الجهات المعنية بالأمن «مستقرة»، وتمتلك رؤى وتوجيهات وقطعت فيها شوطا كبيرا، وكما يقال «الأمن مستتب»، ولا يحتاج اجتهادات ولا استعراضا تلجأ إليه دول كثيرة في ظروف ما.

على صعيد تجانس الفريق الوزاري، يكفي اعادة الإشارة إلى استمرار بعض الوزراء في مواقعهم من الحكومة السابقة، فهؤلاء الوزراء عملوا بالفعل على الخطط والرؤى الملكية، بوجود الرئيس جعفر حسان، ولا يلزمهم إثبات أنفسهم من جديد لرئيس حكومة جديد، لكن هذا الجهد مطلوب من الوزراء الجدد، لا سيما الذين يحملون هذه المسؤولية الدستورية للمرة الأولى، فالرهان بل قل الأمل معقود عليهم بأن يعملوا بشكل متناسق مع الرئيس وسائر الفريق الحكومي، فمطلوب منهم عدم الاجتهاد خارج سياق توجيهات وبرامج الحكومة، وأعتقد أن جعفر حسان عبّر عن توجه مهم خلال الأسبوع الماضي، وهو بمثابة نهج كنا نطالب به جميعا، متعلق بالخطط والاستراتيجيات الحكومية، التي كانت تتغير وتتبدل بتغير الحكومات أو بتعديلها، ويمكنني ومن خلال متابعتي الشخصية أن أتحدث عن عشرات الحالات من هذا النوع، التي انتقدتها على امتداد أكثر من 20 عاما من الكتابة في الشأن المحلي.. هذا مبدأ سياسي «شجاع» وعملي ومُنتِج، ويقع في صلب العمل الحكومي البرامجي، الذي يسير الأردن على إيجاده في الإدارة، من خلال تحديث وتطوير وتغيير منظومة التشريعات الناظمة للعمل السياسي، فكلنا «حتى الذين لا يفهمون ما يقولون»، نطالب بحكومات برامجية، نتابعها ونقيّمها على أساس هذه البرامج..

وسنقول عن ذلك كثيرا لأن الحديث ما زال في بدايته.