اليقظة في مواجهة التفوق

كتب - حمادة فراعنة 

هذا ما تستطيع المستعمرة أن تفعله: التفوق في التكنولوجيا والقتل المتعمد، تتفنن في الأمرين: تتفنن في التكنولوجيا، وتتفنن في القتل المقصود، مستخدمة كل قدراتها وتفوقها في القتل، لا توجد لديها محرمات، وليس لديها سقف أو حدود لما تريد أن تفعله، من جرائم وانتهاكات وتجاوز لكل قيم حقوق الانسان والقانون الدولي.
القتل في قطاع غزة للمدنيين، بلا سقف بلا محرمات، بلا حدود، فهي تستهدف المدنيين، لأنها لا تريد بشراً أحياء غير يهود على أرض فلسطين، تريد دولة يهودية خالصة، لا شريك لها وفيها أحد من الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين، هذا ما يقوله ويسعى إليه سموترتش في برنامجه وخطته: «خطة الحسم»، متضمنة ما يستطيع أن يفعله بالقتل والتهجير، بالرغبات الطوعية، أو بالإكراه لترحيل الفلسطينيين إلى خارج فلسطين حتى ولو كان ذلك إلى: 1- شمال أوروبا، 2- أميركا، 3- كندا، 4- استراليا، إذا رفضت استيعابهم البلدان العربية المجاورة.
ما فعلته المستعمرة في لبنان، ضد حزب الله، لا سابق له، لا محرمات، لا حدود، المهم القتل والردع، وأن تبقى المستعمرة متفوقة، حاضرة، قوية، مهما كانت الوسائل والأساليب وحشية متطرفة، المهم تحقيق الهدف، بالمس والأذى لكل من يقف مع فلسطين.
الشيء المؤكد أنها تسللت إلى مسامات شركة صناعة الاتصالات التلفونية، وأدخلت ذرات محدودة من المتفجرات إلى قلب أجهزة التلفونات، استعداداً لتفجيرها كيفما تشاء، وأين تشاء، وعندما تقرر، طبعاً كل أجهزة الاتصالات اللبنانية بما فيها أجهزة اتصالات حزب الله كانت تحت مراقبة المستعمرة وقدراتها، وحينما قررت التفجير والقتل كان لها ذلك.
المستعمرة متفوقة في القتل والتكنولوجيا، وهذا ما يجب معرفته وإدراكه، والعمل على كيفية تحاشيه، هي مهما فعلت ستُهزم في نهاية المطاف، في نهاية الرحلة، في نهاية الصراع، لأنها تقوم على الظلم والاضطهاد ونفي الآخر، ولكن المشكلة المأساة هي أن الثمن سيكون باهظاً، والكلفة عالية، ولهذا على قيادات المقاومة أن تفكر ملياً وكثيراً في كيفية تحاشي الخسائر، بأقل قدر ممكن من التضحيات وأقل الخسائر من البشر.
التفكير الاستعماري الإسرائيلي المتطرف، مصحوب مع القدرة التكنولوجية، والدعم الأميركي الأوروبي، يتطلب اليقظة والاحاطة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية وحلفائها من العرب، لا أن تبقى المقاومة معتمدة على شرعية دوافعها في تحرير فلسطين، ومعتمدة على الاستعداد العالي للتضحية لشعبها وقواعدها وقياداتها، هذا لا يكفي، رغم أهميته، ولكن الانتصار وهزيمة المستعمرة يحتاج لقدرات وإمكانات ومشاركة أوسع قاعدة شعبية في دائرة المواجهة، كما حصل خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، حيث أدت إلى التسليم الإسرائيلي والاعتراف بـ: 1- بالشعب الفلسطيني، 2- بمنظمة التحرير، 3- بالحقوق السياسية المشروعة للفلسطينيين، وعلى قاعدة هذا الاعتراف تم: 1- الانسحاب التدريجي من المدن الفلسطينية، 2- ولادة السلطة الفلسطينية كمقدمة لقيام الدولة، 3- عودة حوالي 400 الف فلسطيني لأول مرة إلى فلسطين.
طبعاً شارون عام 2002، حاصر الرئيس أبو عمار في المقاطعة وأعاد احتلال المدن الفلسطينية التي سبق وانحسر عنها الاحتلال، واغتال الرئيس عرفات والعديد من قيادات المقاومة أحمد ياسين حماس، أبو علي مصطفى الجبهة الشعبية، فتحي الشقاقي حركة الجهاد، وغيرهم العديد من قيادات الصف الأول والثاني للمقاومة الفلسطينية.
الصراع مفتوح، وما حصل في لبنان، تأكيد على أن المستعمرة تتفوق وتقتل، ولا يهمها قتل المدنيين، المهم أن يبقى مشروعها الاستعماري قوياً مستمراً، ومتفوقاً على حساب أهل فلسطين وأرضهم ووطنهم، وعلى حساب من يقف معهم، خاصة أنها المرة الأولى التي تتسع المواجهة لتشمل حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وهي ظاهرة إيجابية تحمل مقدمات الانتصار مهما تفوقت المستعمرة وقتلت وبطشت.